حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأي

عزف الرصاص

 

حسن البصري

لم يكن لاعبو فريق تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم يعتقدون أن غارات الروس على الأوكران ستمتد شظاياها إلى ناديهم، الذي يبعد عن جبهات القتال بآلاف الكيلومترات.

لم يكن أنصار «البلوز» يظنون أنهم سيستبدلون يوما اللون الأزرق بالأسود، وأن الكرة دوارة كالدنيا.

لم يكن رومان أبراموفيتش، مالك هذا النادي، يخشى العوز وهو الملياردير الذي اشترى يوما فريقا وضمه إلى قائمة أملاكه.

لم يكن محللو نبض الدوري الإنجليزي الممتاز يخشون اختلال موازين الكرة في بلدهم، وهم الذين ظلوا يؤمنون بأن الكرة ملقحة ضد عوادي السياسة.

لكن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية رمى بمخاوف الإفلاس الكروي في ملاعب الكرة، حين صدر قرار للحكومة البريطانية يقضي بتجميد عضوية وأرصدة الرئيس الروسي أبراموفيتش، أحد المقربين من الرئيس بوتين. في الكرة تختل القاعدة النحوية، وإذا التقى رئيسان فاكسرهما معا.

في اليوم الموالي بدأت تنهال على إدارة النادي اللندني عروض لشرائه، وتحويل ملكيته من الروس إلى العرب، أما رؤوس الأموال البريطانية فتتحاشى الاستثمار في كرة محشوة بالهواء الفاسد.

يتساءل أنصار النادي الإنجليزي بأي ذنب قتلوا، لكن ليطمئنوا فلا خوف على زياش وزملائه، ما دامت الأندية البريطانية تفتح شهية الأثرياء العرب، فامتلاك ناد للكرة أشبه لديهم باقتناء سكن بحري في ماربيا أو ماديرا أو يخت في ميناء ترفيهي.

اشترى منصور ثلاثة أندية في كل من إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، ثم الإمارات، واقتنى القطري ناصر أغلب أسهم نادي باريس سان جيرمان وألبسه ثوب العالمية، وعلى المنوال نفسه سار وائل الأردني، وبن ناصر القطري، والفهيم الإماراتي، وقبلهم كان الفايد مالكا لنادي واتفورد، وانضم إلى الملاك العرب ثري مغربي من سوس اسمه عبد الله لمسكم، فضل شراء نادي أولدهام الإنجليزي، بدل الاستثمار في حسنية أكادير.

يصعب جرد أسماء الأثرياء الذين تنافسوا على شراء الأندية الأوروبية الجديدة والمستعملة، لكن غالبيتهم يجدون متعة الجلوس في المقصورة الرسمية، ويستقبلون في رحلاتهم استقبال القادة العرب، وينعمون بالشهرة من كل أطرافها.

من قال إن «المال لا يشتري السعادة»، واهم على الأقل في ملاعب الكرة، لكن المال على قلته يمكن صاحبه من شراء فرق صغيرة تمارس في الظل، كما حصل في بطولة الهواة ببلدنا، حين اقتنى رجل أعمال ناديا ليحقق حلم ابنه اليافع، الذي أصبح لاعبا أساسيا وعميدا للفريق.

في بلدنا تباع الفرق في السوق السوداء تحت جنح ظلام الجموع العامة، يتخلى الرئيس السابق للرئيس اللاحق، ويضربان موعدا في ملحق المقاطعة، لتسليم المهام أمام موظف تصحيح الإمضاءات، ثم يمضي كل إلى غايته لا تقل شئنا فإن الوضع شاء.

للأمانة فقد أبان أبراموفيش عن حس تضامني كبير، حين تبرع بجزء كبير من ماله إلى مؤسسة تشيلسي الخيرية، وفوض لها أمر تدبير شأن الفريق، خلال فترة تنحيه عن الرئاسة، وقال إنه مستعد لأداء ضريبة صداقته مع بوتين.

ما أحوجنا إلى رئيس من هذه الطينة في بطولتنا، يقدم بسخاء ولا يزرع بذور الكرة شتاء ليحصد المحصول الانتخابي صيفا، أغلب رؤساء الأندية المغربية دخلوا المكاتب المسيرة ملاحظين، وأصبحوا في نهاية المطاف ملاحقين (بفتح الحاء) من طرف مفوضين قضائيين.

لا يتفاعل رؤساء الأندية المغربية مع الحرب التي تدور رحاها في شمال شرق القارة الأوروبية، لا يفتحون الملاعب أمام اللاعبين المغاربة العائدين من روسيا وأوكرانيا، لا يمنحونهم فرصة ممارسة هوايتهم في بلدهم، رغم الجهود المبذولة لإعادة إدماج الهاربين من جحيم الحرب.

في بلدنا لاعبون مغاربة عادوا منهكين من بؤرة النزاع، يمنون النفس اليوم بالانتماء لفرق يستكملون فيها ما تبقى من مشوار، أو يسمح لهم بالتمرين حفاظا على منسوب اللياقة، لكن تنتصب أمامهم علامة قف، ويشهر في وجوههم قانون «الميركاتو»، حينها يتأكدون أن عزف الرصاص ما زال مستمرا.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى