حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسية

هكذا اقتنع “كارلوس” بكتابة مذكراته عن اغتيالات الزعماء والسياسيين من زنزانته في باريس

الحلقة 1 : سيرة "القاتل" كارلوس الذي استأجره الهواري بومدين لاغتيال الملك الحسن الثاني سنة 1978

في العام 2017 تفجرت إلى العالم سيرة واحد من أخطر المجرمين العالميين الذين نشطوا في الظل بتواطئ مع الأجهزة السرية وشارك في تنفيذ اغتيالات وانقلابات مدعوما بشخصيات حكومية عربية وأجنبية، بعد إصدار الصحافي الفرنسي لاسلو ليسكاي، كتابه عنه وعنونه بـ”ابن آوى” أو بالفرنسية “Le chacal”.
وقبل هذا، كُتبت مقالات كثيرة في الصحافة الفرنسية عنه منذ اعتقاله في فرنسا، كما زارته الصحافية الفرنسية صوفي بونيت، التي تحولت مقابلاتها معه إلى فيلم سنة 2014. وجعلت الفرنسيين يفتحون أفواههم وهم يتابعون كيف كان “كارلوس” يعترف بما نُسب إليه ويشرح كيف كان يتلقى الأموال من حكومات فاسدة، في الصناديق..
إنه إليس راميريز سانشيز. لكن كان معروفا في سبعينيات القرن الماضي باسم “كارلوس”. ألقي عليه القبض سنة 1994 في باريس، بتهمة الإرهاب.
في سنة 1978 سوف يتصل به الهواري بومدين، وسوف يلتقي بعبد العزيز بوتفليقة الذي كان وزيرا للخارجية وقتها، ليدرسوا معه، تنفيذ مخطط لاغتيال الملك الحسن الثاني وسط المغرب باستغلال إحدى الزيارات التي كانت مبرمجة في النشاط الملكي. دخل كارلوس فعلا إلى المغرب برفقة بعض الأسماء من الجهاز الأمني الجزائري للتنفيذ. والأدهى، أنه أثار اسم الجنرال الدليمي أثناء اعترافاته في “المذكرات” وتحدث عن دوره في “الاغتيال” المزعوم. كارلوس، روى بنفسه هذه الواقعة.
في هذه الحلقات سنعيد تركيب سيرة هذا القاتل المأجور انطلاقا من المقابلات التي أجريت معه وما كُتب عنه في أرشيف التقارير السرية.

إذا كنت تريد إعادة تركيب شخصية “كارلوس”، سوف تحتاج لسنوات من إعادة ترتيب الأوراق. كيف وُلد في فنزويلا في نهاية الأربعينيات لأسرة ثرية، وكيف قرر هكذا، متأثرا بالفكر الشيوعي، التوجه نحو روسيا لإتمام دراسته الجامعية.
ماذا سيربط ابن عائلة ثرية بعالم الإجرام والاغتيالات واحتراف القتل المتسلسل؟ لماذا سوف يحتاج شاب في بداية عقده الثالث، منذ سنة 1975، للقتل لكي يراكم الأموال؟ كان بإمكانه مراكمة ثروة مهمة بطريقة أخرى لو أراد احتراف عالم المال والأعمال بنفس الطريقة التي قام بها والده أو أعمامه.
اسمه اللاتيني، ليس معروفا في الأوساط الأمنية بقدر ما عُرف بـ”كارلوس”. اسم له وقع ساحر كان يتردد في أغلب الجلسات الساهرة التي أقامها رجال الأنظمة الدكتاتورية في الشرق والغرب. كل الحكومات التي حكمت شعوبها بقبضة من حديد، كانت تحلم بتوظيف “كارلوس” لكي ينفذ عمليات لصالحها دون أن تتسخ قمصان رجالها بدماء خصومهم.

لحظة البوح المزعجة
عاش كارلوس حياة حافلة خلال السبعينيات. لكنه عندما ألقي عليه القبض سنة 1994 في فرنسا بتهم منها الإرهاب وتصفية عدد من الشخصيات والمعارضين تحدث، حتى رغب الكثيرون في أن يصمت، لأنه بدأ في سرد علاقاته للصحافي “لاسلو ليسكاي”، وذكر عددا من الأسماء التي كان يُقام لها ويُقعد.
جلس في زنزانته بمركزية “بواسيي” الأمنية في فرنسا، ينتظر موعده الذي أصبح اعتياديا مع الصحفي “لاسلو ليسكاي” ليجيب عن مئات الأسئلة الحارقة التي تتعلق بعملياته ومغامراته السابقة التي جاب من خلالها العالم خلال سنوات السبعينات.
جلسات مغلقة لا يكسر رتابتها سوى صوت آلة التسجيل، ليجمع الصحفي عشرات اللقاءات الصحفية التي جمعته بهذا الرجل الخطير، الملقب بـ”كارلوس”، والتي يحكي فيها تفاصيل مغامراته.
الكتاب صدر سنة 2017، وأثار ضجة واسعة في فرنسا على الخصوص.
تناول فيلم بإنتاج أمريكي حياة “كارلوس” بالإضافة إلى كتب أخرى سوف نأتي إليها في هذه الحلقات، كلها تناولت سيرته اعتمادا على تقارير المخابرات الأجنبية عنه، خصوصا الـCIA. ولعل أهم ما ميز كتاب الصحافي “ليسكاي”، هو أنه كان عبارة عن مقابلات شخصية معه في الزنزانة. أما كيف أقنعه بالحديث، فالأمر حسب ما جاء في تقديم الكتاب، راجع إلى أن “كارلوس” تعب من كتم كل شيء في صدره. في النهاية ليس الحديد وحده ما يستسلم للرطوبة داخل السجن.
إحدى هذه المغامرات، ستصيب المغاربة بصدمة كبيرة، عندما يتضح أن الجنرال الدليمي وضع يده في يد الجزائريين لاغتيال الملك الراحل الحسن الثاني في سنة 1978. رغم أن الشكوك حامت حول ولاء الدليمي في أيامه الأخيرة للدولة المغربية، إلا أن رواية كارلوس تبقى صادمة لأنه عرّى عن قصة جمعت الأطراف الثلاثة، أي كارلوس، الجزائر، والجنرال الدليمي ولعب فيها الجنرال دور المخبر الذي سيدل المنفذين على مكان الملك الحسن الثاني والمسار الذي سيسلكه موكبه.

الدليمي مخبرا
ربما كان الدليمي خائفا على مصيره إن انكشف أمر المخطط لذلك فضل أن يبقى مخبرا ويترك التنفيذ لـ”كارلوس”. ماذا سيخسر رجل يقاد إلى المشنقة بتهم ثقيلة، لكي يعترف في زنزانته، وفي لقاء صحفي يعلم أنه سيُنشر، لكي يُقحم اسم الجنرال الدليمي مجانا؟
يبدو أن “كارلوس” قد تجاوز مرحلة الكذب ولم يعد لديه ما يجعله يكذب ليخفي شيئا ما، ما دام يعترف تلقائيا بكل الأفعال التي اقترفها عندما كان “عميلا” خطيرا يضع نفسه رهن الأجهزة السرية لأخطر الأنظمة الدكتاتورية في العالم.
يقول كارلوس، واسمه الحقيقي “إليس راميريز سانشيز”، إنه نسّق مع الهواري بومدين بوساطة رجال من المخابرات الجزائرية ذكرهم بالإسم، لكي يبعثوا بفرقتين إلى المغرب بشكل سري لينفذوا عمليه اغتيال الملك الحسن الثاني. وكانت الفرقتان منفصلتان، لا أحد يعلم معلومات عن آخر ضمانا للسرية. فيما يتكلف المسؤول الجزائري في المخابرات، سيكشف كارلوس عن اسمه في ما سيأتي من تفاصيل، بالتنسيق مع “الدليمي” الذي لم تكن الفرقتان تعرفان عنه أي شيء.
يقول كارلوس إنه نسق مع الجنرال الدليمي والأمني الجزائري. الأول منحه خريطة مرور الموكب الملكي وتنقلات الملك الراحل، فيما الثاني كان ينسق له مع الفرقتان اللتان وضعهما النظام الجزائري تحت تصرفه.
لم تُنفذ العملية حتى يتسنى لنا معرفة تفاصيلها الدقيقة فقد توقفت أثناء مرحلة الإعداد، لأن السماء تكلفت بإنهاء المشكل، برحيل الهواري بومدين، ليلغى كل شيء في اللحظة الأخيرة.
ربما يكون الدليمي قد استشاط غضبا لأن مهمة بهذا الحجم لا يعني إلغاؤها إلا تفشي السر، خصوصا وأن كارلوس كان داهية، وكثير العلاقات، وقد يبيع الدليمي عند أول عرض مخابراتي مُغر.
في هذه الحلقات سوف نُعيد تركيب القصة من البداية. وكيف تورط كارلوس في عدد من القضايا التي جعلت الجزائريين يرغبون في لقائه والاشتغال معه وتنفيذ مخطط استهداف حياة الملك الحسن الثاني سنة 1978، بالإضافة إلى حقيقة اعتناق “كارلوس” الإسلام وحمله للقضية الفلسطينية والحركات التحررية عبر العالم.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى