شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

أجواء «مكتب المغرب العربي» وأول مهمة كانت تمثيل علال الفاسي في بيروت

الأوراق الشخصية للسفير محمد التازي

يونس جنوحي

كان مكتب المغرب العربي في القاهرة قِبلة للطلبة واللاجئين المغاربة إلى مصر، متخلصين من التضييق الذي فرضته الإدارة الفرنسية على الوطنيين والمتحزبين.

صنع هؤلاء المقيمون المغاربة عالمهم الخاص في قلب القاهرة بكل ما تمثله المدينة من تفرد واختلاف عن الأجواء المغربية.

كان مطعم «البرلمان» قِبلة لهؤلاء الطلبة المغاربة – كان هذا المطعم يحظى بشعبية كبيرة في صفوف الطلبة المغاربة في القاهرة لأن صاحبه كان يتساهل معهم في الأداء ويُمهلهم إلى حين توصلهم بالمنح الدراسية-  ويحكي محمد التازي أن أحدهم، وهو محمد الناصري، كان طالبا في كُلية دار العلوم. بعض هؤلاء الطلبة المغاربة في القاهرة كانت تجمع محمد التازي بهم صداقة تعود إلى أيام الدراسة في المغرب.

في اليوم الثاني لوصول محمد التازي إلى مصر، التقى الكاتب والأديب عبد المجيد بنجلون، أحد أشهر قياديي حزب الاستقلال في الخمسينيات، والذي كان يكتب زاوية في جريدة «العَلم» يوقعها من القاهرة حيث درس الصحافة، وعندما عاد إلى المغرب عُين في وزارة الخارجية، وعُين في وقت لاحق سفيرا.

التقى التازي، أيضا، كلا من أحمد بن المليح وعبد اللطيف العراقي الذي كان وقتها لا يزال طالبا في السنة النهائية في كلية الآداب بجامعة القاهرة.

في ذلك اللقاء، تعرف التازي لأول مرة على الحاج ادريس السوسي، الذي كان بدوره انتقل إلى مصر بسبب أنشطته الوطنية في المغرب وتضييق السلطات الفرنسية. والسوسي يعتبر فعليا أحد أوائل مؤسسي «مكتب المغرب العربي»، واشتغل بعد تخرجه مدرّسا في إحدى المدارس الثانوية المصرية. يقول التازي إن هؤلاء أصبحوا بمثابة إخوة له وتوطدت علاقته بهم لاحقا.

لم يفوت محمد التازي فرصة الحديث عن أول لقاء له مع علال الفاسي في القاهرة، وكتب، في أوراقه الشخصية، متحدثا عن هذا اللقاء: «وفي اليوم نفسه التقى بالزعيم علال، وكان آخر لقاء معه بمنزله في طريق حسنونة، بمدينة طنجة أواخر عام 1949، فهنأه بسلامة الوصول، وأنهم لم يعلموا بمغادرته المغرب إلا بالمقالات التي تنشرها «العلم» بعنوان «في الطريق إلى القاهرة» وكان قد بعث بعدد منها وهو في مدريد، ولم يكن يعلم أنها نشرت، وعاتبه على عدم إخباره بتاريخ مغادرته للمغرب، حتى تتخذ إجراءات دخوله لمصر، فالحكومة المصرية متشددة في موضوع منح تأشيرات الدخول، وكان موضوع التحاقه بإحدى الجامعات مشكلة أخرى، لأن السنة الدراسية أوشكت على الانتهاء، ولا يشرع في التسجيل بها إلا بعد عطلة الصيف، فأشار عبد المجيد بانتدابه لتمثيل الحزب في مؤتمر حزب النداء اللبناني، الذي استدعى له الزعيم، ولكن ارتباطاته في القاهرة جعلته يفكر في الاعتذار.

وهو في لبنان يعمل الزعيم على تسوية موضوع إقامته في مصر».

كان، إذن، أول تكليف من علال الفاسي، لمحمد التازي، أنه سافر ممثلا له إلى بيروت لحضور مؤتمر «حزب النداء». وجاء هذا التكليف بعد عشرة أيام على وصوله إلى القاهرة.

هناك في بيروت ألقى محمد التازي كلمة باسم علال الفاسي على مسامع الحاضرين. وبينما كان التازي «يستمتع» بجولة في بيروت، التي سوف يعود إليها سنة 1958 ليشتغل موظفا في سفارة المغرب في لبنان، كان علال الفاسي في القاهرة مشغولا بتسوية وضعية إقامته في مصر، فالتأشيرة، التي دخل بها التازي إلى البلاد، لم تكن مدتها تتجاوز خمسة عشر يوما ولم تتبق منها سوى خمسة أيام فقط.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى