شوف تشوف

الافتتاحية

العلاج بالتطمينات

ارتفعت حالات الوفاة بسبب فيروس داء الخنازير إلى نحو 16 حالة في ظرف أسبوع، في حين تجاوزت الحالات المشتبه في إصابتها بالمرض المئات، ومع ذلك مازالت وزارة الصحة تعتبر أن الأمر غير مثير للقلق وأصدرت بلاغا مشتركا مع منظمة الصحة العالمية يحاولان بعث رسائل الطمأنة وإظهار أن رقعة الوباء تحت السيطرة ولا تدعو للقلق.
طبعا لا يمكن لمثل هاته البلاغات أن تخفف من توجسات المغاربة الذين ينظرون إلى ارتفاع عدد الضحايا واتساع رقعة الداء دون استراتيجية حكومية حقيقية لمواجهة أنفلونزا الخنازير، باستثناء ما تصدره بلاغات التكذيب وتوضيحات الوزراء بالبرلمان ومجالس الحكومة.
والمؤكد أن غياب إدارة فعالة في مواجهة هاته الأزمة الصحية وانتشار الشائعات خلقا حالة من الفوبيا داخل الأسر دفعت الكثير منها إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة ومنع أبنائها من الذهاب للمدارس تجنبا لأي عملية احتكاك من شأنها توسيع شعاع دائرة العدوى.
كان الداء الموسمي سيكون عاديا ومتحكما فيه لو أن السلطات الصحية اتخذت إجراءات وقائية استباقية، خصوصا أنها كانت على علم تام بعودة هذا الفيروس الموسمي كل سنة، لكنها لم تحرك ساكنا، بل إنها أظهرت استهتارا بالداء عندما سمحت بخرق شركات صناعة الدواء لمدونة الأدوية وعدم إنتاجها للقاحات مضادة للفيروس لسنتين متتاليتين رغم حصولها على ترخيص لصناعة دواء جنيس بأثمنة في متناول المواطن بدل اضطرار مديرية الأدوية لشراء دواء «إش1 إن 1» بثمن يتجاوز ثلاث مرات سعره بالصيدليات الأوربية.
والمؤلم أن الحكومة التي تتباهى برفع ميزانية الصحة بـ1650 مليار سنتيم وتدعي أنها حققت معجزات في الخدمات العمومية الصحية، عاجزة عن تغطية أثمان الأدوية والتكفل بإجراء التحاليل للمواطنين المشتبه في إصابتهم بهذا الفيروس الموسمي، وتترك للمواطن تقرير مصيره مع داء الخنازير، بعيدا عن الدعم المطلوب من الحكومة لمحاصرة اتساع رقعة الداء.
نحن اليوم أمام مفترق للطرق في مواجهة هذا الفيروس، صحيح أنه لم يصل بعد إلى درجة الوباء الذي يتطلب اتخاذ تدابير أمنية واجتماعية حازمة، لكن لا أحد ينكر تزايد ضحاياه وارتفاع سرعة تحركه واتساع بؤر انتشاره في مختلف مناطق المغرب (الرباط، البيضاء، القنيطرة، سلا، الشاون، فاس، طنجة..)، وهو ما يستوجب دق ناقوس الخطر في وجه الحكومة التي مازالت غير مؤهلة للتعامل مع أزمات صحية، فلا يمكن هزيمة داء منظم بحكومة مرتبكة وغير منظمة.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى