شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

على أبواب عتبة الندرة

لا حديث اليوم في خطابات وتحركات الرؤساء والوزراء سوى عن معضلة تدبير حاجيات دولهم من الطاقة والماء والغذاء، فقد بات الاقتصاد العالمي، في ظل السياق الجيوستراتيجي الذي يعيشه، غير قادر على إنتاج كميات من السلع والغذاء والثروات الطاقية يمكنها تأمين الحاجات الأولية لجميع سكان العالم، وإبعاد خطر التغذية والتدفئة عنهم، حيث تفككت السلاسل التي تربط العالم لتوفير السلع، بوتيرة مخيفة، إذ أدت الحرب في أوكرانيا وتداعيات «كوفيد» إلى تعطيل سلاسل التوريد وتراجعت معدلات النمو إلى أدنى المستويات فيما ارتفعت نسب التضخم إلى أعلى المستويات لم تشهدها منذ أكثر من نصف قرن.
وإذا كان هذا حال دول قوية كانت تتوفر، إلى الأمس القريب، على مظاهر الوفرة في كل شيء، فما بالك ببلدنا التي كانت تعاني من الخصاص في الأوضاع العادية فبالأحرى ما نعيشه اليوم من ظروف قاسية واستثنائية. وما هو مؤكد حقا، أننا نعيش في عالم الندرة الذي لا يسمح لنا بالمبالغة في الإنفاق العمومي على ما يدخل في باب التحسينات والأمور الثانوية كما هو الشأن زمن الوفرة، وهذه القناعة تستوجب من الحكومة منطقا تدبيريا مغايرا عما مضى حيث المياه الوفيرة والطاقة والمواد الغذائية بأسعار معقولة والاستقرار الجيوستراتيجي متوفر إلى حد ما.
لا نريد أن نسوق لمستقبل قاتم لكن الواقع الذي نتابعه والمؤشرات المستقاة منه، تقول إنه ستجثم على صدورنا مخاطر تآكل القدرة الشرائية لقطاعات واسعة من المغاربة، والخشية أن تتسبب هذه الندرة في الإنفاق وفي العرض التي بدأت تتشكل الآن في الأفق في حدوث مشاكل اجتماعية وسياسية، لذلك من الواجب على الحكومة أن تُسابق الزمن لاتخاذ تدابير وإجراءات إضافية، للحد من متاعب ندرة الطاقة والماء والتغذية واحتواء التداعيات السلبية لاتساع رقعة الحاجة والضغط قبل فوات الأوان.
نحن الآن على عتبة الندرة والضغط الاقتصادي والاجتماعي اللامحدود، فغذاؤنا وطاقتنا واستثماراتنا يعني وجودنا واستقرارنا، والحكومة الآن أمام تحدي حقيقي لتثبت أنها قادرة على مواجهة محنة الحاضر ومعالجة تركة الماضي التي جعلتنا نعاني مرتين، غير ذلك فسنكون على أبواب نفق مظلم لن نعلم كيف سنخرج منه ولا متى؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى