شوف تشوف

الرئيسية

أزمة الإدارة المركزية لوزارة أمزازي مستمرة بعد تنقيل مسؤولين دون تعويضهم

تعيين مدير الميزانية كاتبا عاما للمجلس الاقتصادي والاجتماعي خلق ارتباكا في التدبير المالي

المصطفى مورادي

مقالات ذات صلة

شهدت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني، التي يدبر شؤونها سعيد أمزازي، قبل أيام، تعيين كاتب عام جديد لكتابة الدولة للتكوين المهني، عندما صادق المجلس الحكومي على تعيين عرفات عثمون، شقيق المستشار البرلماني وعضو المكتب السياسي للحركة الشعبية، المهدي عثمون، والقيادي في «البام»، عبد الرحيم عثمون في هذا المنصب، وهو التعيين الذي أثيرت حوله عدة تساؤلات من طرف مهتمين بخصوص «وجود صفقة» بين حزبي العدالة والتنمية والحركة الشعبية، يتراجع ، بمقتضاها، أمزازي عن إعفاء جميلة العماري من منصب مديرة مديرية الموارد البشرية في كتابة الدولة في التعليم العالي، مقابل تعيين القيادي النافذ، ابن مدينة خريبكة، في منصب الكتابة العامة لكتابة الدولة في التكوين المهني، بالرغم من أن تكوينه الشخصي لا علاقة له بمجال إداري-تدبيري، من قبيل التكوين المهني.
هذه التوافقات تعكس وجود أزمة تدبيرية حقيقية في القطاعات الحكومية المسؤولة عن التربية والتكوين، حيث الغلبة للاعتبارات الحزبية والشخصية في تولي المسؤولية، فضلا عن أن التغاضي عن الاختلالات لا يقتصر على التكوين المهني والتعليم العالي كما سلف الذكر، بل يشمل أيضا قطاع التربية الوطنية. بدليل عدم تعويض العديد من المديرين المركزيين الذين طلبوا تنقيلهم لإدارات أخرى أو حصلوا على التقاعد أو تم تعيينهم في مناصب أخرى، على غرار ما حصل أخيرا بعد تعيين يونس بنعكي، وهو مدير مركزي على رأس مديرية الميزانية والممتلكات، (تعيينه) كاتبا عاما للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. وهو الأمر الذي خلف فراغا كبيرا وسبب فوضى حقيقية على مستوى التدبير المالي بالقطاع، لاسيما بعد تزامن هذا التعيين مع ختام السنة المالية الماضية، والتي تتطلب مجهودا كبيرا وخبرة واسعة في الاستجابة لمئات طلبات صرف الميزانية، والتي ترد من مختلف المؤسسات التابعة للوزارة، مركزيا وجهويا ومحليا.

مسؤولون بدون خلف بسبب غياب الحكامة

يعيش قطاع التربية الوطنية أزمة حقيقية على مستوى الإدارة المركزية، يعجز وزير القطاع سعيد أمزازي عن حلها حتى الآن لكونها إحدى أسوأ التركات التي ورثها عن الوزراء الذين سبقوه. فمنذ تعيين العديد من المديرين المركزيين من طرف الوزيرة السابقة لطيفة العبيدة، استطاع هؤلاء الاحتفاظ بمناصبهم لمدة وصلت إلى عشر سنوات، أي أن أغلبهم استهلك المدة القانونية العادية التي ينص عليها مرسوم التعيين في المناصب العليا، والمتمثلة في عشر سنوات مقسمة على فترتين، يتم فيهما التجديد تلقائيا.
المثير هنا هو أن الوزارة لم تشهد قط، ولمدة عقد من الزمن، قرارا بعدم التجديد لمسؤول مركزي، حيث توزعت حالات تغيير المسؤولين المركزيين على طلبات تنقيلهم لوزارات أخرى، كما حصل مع المدير السابق لمديرية الموارد البشرية، والذي فضل، لأسباب «صحية»، العودة لوزارته الأصلية، وهي وزارة المالية، مع الإشارة هنا إلى ورود اسمه الشخصي ضمن لائحة المسؤولين الذين استجوبهم قضاة المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الأخير، ثم انتقال مدير الشؤون القانونية والمنازعات للوزارة نفسها، بعد قضائه تسع سنوات في منصبه، وتعيين مسؤولين مركزيين مكلفين بالحياة المدرسية والدعم الاجتماعي، (تعيينهما) مديري أكاديميتي الدار البيضاء، والذي سيتم إعفاءه من طرف حصاد في ما بعد، ثم أكاديمية جهة مراكش- الحوز.
آخر هذه التنقيلات تمت بتعيين مدير مديرية الميزانية كاتبا عاما للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مخلفا فراغا تدبيريا كبيرا تزامن مع نهاية السنة المالية الماضية، والتي تتطلب خبرة كبيرة في تدبير طلبات صرف الميزانيات.
هذا التعيين جاء ليكرس أزمة إدارية داخلية خانقة يعيشها قطاع التربية الوطنية، حيث تم تكليف رئيس قسم في هذه المديرية بمهام مدير الميزانية، علما أن المسؤول الجديد هو من الأطر الشابة التي لطالما عانت من تهميش من المدير السابق لأسباب تتعلق بالحرص على امتلاك كل مفاتيح الأسرار، لاسيما وأن الأمر يتعلق بمسؤول شارك بشكل مباشر في تدبير ميزانية المخطط الاستعجالي المثيرة للجدل.
أزمة التدبير الإداري المركزي لها تجليات كثيرة لا تقف عند هذا الحد، منها استمرار العديد من المديريات بصيغة التكليف، فهي من جهة مديريات لا ينص عليها المرسوم المحدد للاختصاصات والهيكلة، ومن جهة أخرى لم يتم فتح باب التباري على إدارتها كما ينص القانون، كما هو الحال بالنسبة لمديريات الحياة المدرسية التي عين فيها الوزير السابق محمد حصاد مديرا سابقا على رأس أكاديمية الغرب اشراردة بني احسن سابقا، وذلك دون تبار، ثم مديرية الاتصال التي تديرها مديرة مكلفة منذ ست سنوات دون تبار، مع أن الأمر يتعلق فقط بقسم تم تضخيمه، كما أكد ذلك التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، ثم مديرية الأمن الإنساني، التي يديرها منذ تسع سنوات مفتش للتعليم في مادة الاجتماعيات، كان يشتغل سابقا في منطقة واد أمليل قبل أن يعينه الوزير السابق محمد اخشيشن في ديوانه، وبعدها تم تعيينه مديرا مركزيا بدون تبار هو أيضا، ومايزال في منصبه حتى الآن.

أزمة شاملة وأمزازي تحت مقصلة الإرضاء الحزبي

أزمة الإدارة المركزية بقطاع التربية الوطنية لا تقف عند الاختلالات التي تمس المديريات سابقة الذكر، بل تمس أيضا مديرية التقويم، وهي المديرية المشرفة في الوزارة على كل الامتحانات المدرسية والمهنية وكذا مختلف المباريات. ففي ظل غياب الخلف وعدم لجوء الوزارة إلى حلول، من قبيل تعيين مديرين مساعدين، قادرين على ضمان مبدأ «استمرار الإدارة» بالوزارة، فإنه من المرتقب أن تعرف الوزارة أزمة حقيقية بعد انتهاء فترة التمديد التي استفاد منها المدير المركزي الحالي، بسبب الأسلوب التدبيري الشخصي الذي نهجه هذا المسؤول، وحال دون تهييء مسؤول جديد قادر على ضمان نجاح كل العمليات التقويمية التي تقوم بها الوزارة. والأمر ذاته بالنسبة لمديرية المنازعات والشؤون القانونية، حيث أدى طلب الإعفاء الذي قدمه المدير السابق إلى خلق فراغ إداري تم تعويضه بتكليف أحد الأطر الشابة ذات الكفاءة، لكن بشكل غير رسمي، حيث ماتزال الوزارة حتى الساعة تتلكأ في الإعلان عن التباري حول هذا المنصب. فباستثناء مديرية الموارد البشرية، التي شملها مرسوم التعيين في المناصب العليا لأول مرة في تاريخ الوزارة، فإن كل المديريات تعرف أزمة حقيقية على مستوى تعويض المديرين المركزيين، سواء الذين غادروا أو الذين سيغادرون، إما بسبب السن أو بسبب انتهاء فترتين إداريتين. ومن هذه المديريات، مديرية المناهج، وهي مديرية سلطت عليها الأضواء في السنوات الأخيرة بسبب الاختلالات الكبيرة التي شهدتها، خصوصا في مجال الكتب المدرسية، وآخر هذه الاختلالات إرسال هذه المديرية لمشروع مراجعة المنهاج المنقح الخاص بالتعليم الابتدائي، (إرساله) إلى المسؤولين الجهويين والإقليميين والمفتشين، وأمرهم بإبداء رأيهم في أجل لا يتعد عشرة أيام، علما أن هذه المراسلة تتجاوز في صفحاتها 200 صفحة.
وتؤكد مصادر جريدة «الأخبار»، إضافة إلى ما سبق، أن وزير القطاع سعيد أمزازي على وعي تام بهذه الاختلالات، وأن أصواتا كثيرة، ومن أعلى مستوى، تطالبه بضرورة الإقدام على تغييرات على مستوى الإدارة المركزية، خصوصا بعد سلسلة التقارير التي تنبه لأزمة التدبير والحكامة في القطاع مركزيا وجهويا، آخرها، كما تمت الإشارة سابقا، تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي نبه إلى استمرار الاختلالات التي شهدها المخطط الاستعجالي في البنية الإدارية الحالية، مع استمرار تبني ما يسمى «الهيكلة الوظيفية» بدل الهيكلة القانونية التي ينص عليها مرسوم يعود لسنة 2003. وأكدت المصادر ذاتها، أن تردد أمزازي في إصدار قرارات إعفاء العديد من المسؤولين الواردة أسماؤهم في هذه التقارير، مرده إلى خشيته من أن تتحول هذه المناصب إلى كعكة يتم اقتسامها بـ«الكوطا» الحزبية، وبالتالي ستفرض عليه أسماء لا علاقة لها باختصاصات المديريات، كما حصل أخيرا بتعيين كاتب عام منتم لحزب الحركة الشعبية في قطاع التكوين المهني، دون أن تكون للشخص المعين أية علاقة بالقطاع. وما كرس هذا التخوف، حسب المصادر ذاتها، هو تسجيل حالة هجرة جماعية من طرف العديد من المديرين المركزيين نحو حزب الحركة الشعبية في عهد الوزير السابق محمد حصاد، واستمرت هذه الهجرة في عهد الوزير الحالي، وهو الأمر الذي سيحول التباري حول المناصب المركزية إلى «بورصة» حقيقية يتم فيها الاحتكام للحزبية والعلاقات الشخصية بدل معيار الكفاءة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى