السيارة الملعونة

تعتزم العلامة التجارية الإيطالية “Lamborghini” إحداث معارض لبيع السيارات الإيطالية الفارهة في كل من العاصمة الرباط والدارالبيضاء ومراكش.
مما يعني أن لعنة “اللومبرغيني” باقية وتتمدد وستسقط المزيد من الرؤساء والبرلمانيين “الخانزين”، بسبب الفلوس
طبعا.
في السياسة هناك خطران محدقان يتربصان بالسياسيين: النساء والسيارات. وبسبب سوء التعامل معهما سقط سياسيون كثر سقطات مريعة ومنهم من فقد ثروته وأصبح “غا خانز بلا فلوس” ومنهم من انتهى في زنزانة.
السيارات الفارهة عدوة السياسي، وعندما جاء سمير عبد المولى إلى افتتاح البرلمان بسيارته البورش المجنحة ذات البابين اللذين يفتحان نحو الأعلى بدأت تنهال عليه المتابعات القضائية، وصارت تعتقله الشرطة في أزقة طنجة بسبب شكايات تتعلق بشيكات بدون رصيد. ولم يمر وقت طويل حتى دخلت شركة والده الملاحية مرحلة الإفلاس، ولم ينفعه اصطفافه إلى حزب العدالة والتنمية وحصوله على مقعد برلماني باسمه ولا إطالته للحيته في منع بيع سفن شركة والده في المزاد، وربما باعت المحاكم فوق ظهره حتى سيارته المجنحة التي ركنها في باركينغ البرلمان ذات افتتاح.
من يسمع اليوم عن سمير عبد المولى؟ لا أحد بالتأكيد.
وكما لو أن هؤلاء السياسيين يتنافسون في ما بينهم حول من سيركن السيارة الأفخم خلف البرلمان، وهاهو ياسين الراضي رئيس جماعة سيدي سليمان يأتي هو الآخر في الافتتاح الأخير للبرلمان راكبا سيارة لومبيرغيني، في عز الأزمة التي يعيشها المواطنون بسبب غلاء أسعار المواد الغذائية والمحروقات.
فلم تمض سوى أشهر قليلة حتى عزلته وزارة الداخلية عن طريق القضاء الإداري بعد عدم اقتناعها بأجوبته على التهم التي وجهتها له في تقرير سمين.
أما والده إدريس الراضي الذي اعتقد أنه أفلت بجلده عندما استقال من المجلس سنة 2015 تاركا المكان لابنه متفرغا لحصد المليارات من تجارة فاكهة لافوكا فقد لاحقه ملف الأراضي السلالية مثل شبح، رغم أنه لم يركن سيارته الميرسيديس مايباخ التي يضاعف سعرها سعر سيارة ابنه البينتلي أمام البرلمان، لكن شوارع أحياء الرباط الراقية تعرفها جيدا.
أما السيارة الملعونة التي أودت براكبها إلى السجن فهي تلك التي تحمل ترقيم البرلمان والتي ينال مفاتيحها رئيس لجنة التشريع والعدل. وقد كان أول شيء طلبه مبدع الفقيه بنصالح عندما نال أصوات زملائه للجلوس على مقعد رئيس اللجنة الموقرة هو طلب مفاتيح السيارة الملعونة، فخطف رجله وصعد عند رئيس البرلمان يطالب بالمفاتيح بمجرد انتهاء فرز الأصوات طار على متنها مغادرا الرباط حيث يسكن منتفخ الريش نحو الفقيه بنصالح حيث ظل يحكم طوال عشرين سنة مجلسها وهو يسوق سيارة لجنة العدل والتشريع التي تحمل في مؤخرتها الكبيرة ترقيم البرلمان الشبيه بترقيم سيارات الوزراء. وبمجرد ما دخل مدينته شرع يطوف في الدروب والأزقة باحثا عن من “يكردف” للسيارة، بحكم ترقيمها، فلم يسترح إلا وقد علم كل من في الفقيه بنصالح أن مبدع عاد من الرباط راكبا حديدة مخزنية جديرة بالاحترام والتوقير، وأن الرجل الذي كان الجميع ينتظر سقوطه بسبب كل تلك الرحلات المكوكية بين منزله ومقر الفرقة الوطنية عاد راكبا سيارة شبه وزارية عوض الستافيت التي كان الجميع يتوقعها له.
وقبل أن يبرد محرك السيارة في كاراج قصر مبدع ناداه المنادي في الهاتف ليلا، وكان صوت أوزين في الطرف الآخر من الخط، يطلب منه “ها العار لما رد الطوموبيل لماليها وجيب الاستقالة ديالك مكتوبة معاك من لجنة العدل والتشريع”. فأسقط في يد مبدع واعترته قشعريرة مشوبة بالخوف، والبقية تعرفونها.
أغلب المستشارين مستعدون لأي شيء من أجل الحصول على ترقيم سيارات البرلمان، ومنهم واحد كان مستشارا خلال فترة ترؤس الشيخ بيد الله للغرفة الثانية طلب سيارة بترقيم البرلمان وكان بيد الله يستعد لعقد صفقة يقتني بموجبها سيارات فارهة لهذا الغرض فكان أن نشرنا الخبر فقام بيد الله و”دار بناقص”، فلم يبق أمام هذا المستشار سوى أن يطلب من بيد الله أن يعطيه على الأقل “البلاكة” لكي يعلقها في سيارته الخاصة. لكن كان على هذا المستشار أن ينتظر تعيينه في مؤسسة دستورية لكي يحصل على سيارة تحمل ترقيمها فذهب بها رفقة سائق وهو يلبس الجلباب الأبيض والسلهام حاملا العكاز لكي يتجول في حواري الراشيدية ويشبع جوعه للوجاهة أمام بسطاء المدينة.
وهكذا يظهر جليا أن أحسن من فهم مقولة “الله يخرج سربيسنا على خير” هم برلمانيو ومستشارو ورؤساء ووزراء العدالة والتنمية. فقد قضوا عشر سنوات يأكلون ويشربون على رأس الحكومة وبلديات وجماعات المدن والقرى والجهات، وهم يتسيدون المناصب في البرلمان والمؤسسات العمومية، لكنهم عندما يظهرون أمام الناس أو يأتون إلى البرلمان يصنعون ذلك على متن سيارات الكونغو، وعندما يظهرون حول مائدة طعام يلتقطون الصور وهم يغمسون كسرات الخبز وسط طباسل الزيت العود ويقطعون بزلايف البيصارة.
وهو الدرس الذي لم يستوعبه بوكريشة ديال مبدع الذي أقام عرسا لابنه وقدم فيه للضيوف قطيع غزلان مشوي واقفا على قوائمه. ناشيونال جيوغرافيك كون شافتو كون رفعات عليه دعوى قدام الأمم المتحدة بتهمة الإبادة الجماعية لنوع حيواني مهدد بالانقراض.