شوف تشوف

الرأيالرئيسيةتقاريررياضة

تنجيم «الكان»

 

 

حسن البصري

في مدينة غاروا الكاميرونية تردد على مقر بعثة الرجاء المغربي دجال يمتهن التنجيم، أصر على قراءة كف المباراة التي كانت ستجمع الرجاء بنادي القطن الكاميروني، برسم نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، شهر نونبر عام 2003.

جلس والخوف في عينيه وشرع في رسم خطوط على مائدة العشاء، وهو يتمتم بكلمات لا يفهمها أحد، صادرنا ضحكاتنا وانتظرنا نتيجة التنجيم، قبل أن يخبرنا بأن مخاطبه نائم ولا يرد على استفساراته، فأجل الجلسة وانسحب بسرعة من الفندق.

سنكتشف أن انسحاب العراف لا علاقة له بالنوم العميق لرئيسه المباشر، بل لحضور عيسى حياتو رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم إلى الفندق، وهو ابن مدينة غاروا ومتيم بحب «كوطون سبور».

لا أعرف ما إذا كان منجم غاروا قد أيقظ كبير الدجالين أم صرف النظر عن التنجيم، لكن حين فاز الرجاء بالكأس الإفريقية من قلب غاروا، قرر مسؤولوه العودة مباشرة إلى المغرب على متن طائرة عسكرية وضعها الجنرال حسني بن سليمان رهن إشارة الفريق.

يضع المدربون خططهم ويجهزون لاعبيهم ويعدون العدة لخصومهم، لكن الجمهور يتماهى مع تكهنات أشهر العرافين، وقد يصدق أهل التنجيم ويكذب المحللون الرياضيون، خاصة إذا كانت للمنجم سوابق في التكهنات والتوقعات الصائبة.

أطلت علينا العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف، وهي تبارك للمغاربة وتتنبأ بفوز منتخبنا  بكأس إفريقيا الجارية أطوارها في ساحل العاج. قالت: «المغرب سيفاجئ العالم مرة أخرى، في حدث رياضي بارز ومهم، وأقول للمغاربة مبروك»، فهم المغاربة أن القصد هو «الكان»، وكما كان متوقعا فقد تعرضت العرافة لهجوم إلكتروني من القوات الاحتياطية الجزائرية، واعتبرت تنجيمها «تشويشا مقصودا على المنتخب الجزائري»، علما أن دورة الكاميرون قد عرفت استعانة جيراننا بدجال تناقلت صوره جميع المحطات التلفزيونية وهو «يبخر» جنبات الفندق وحافلة الفريق.

قبل كل دورة كروية إفريقية تزدهر تجارة «كري كري»، ويفتح الدجالون دكاكينهم لاستقطاب اللاهثين وراء انتصارات بلا جهد ولا عرق.

يسجل التاريخ أبرز قصة سحر وشعوذة في كأس أمم إفريقيا، وترجع لسنة 1992 بالسنغال، حيث كشفت صحيفة «لوموند» الفرنسية استنادا إلى حوار مع أحد أفراد الطاقم التقني، عن تحضيرات خارج الملعب لمنتخب ساحل العاج. إذ قام وزير الرياضة «ريني ديبي» بزيارة لقرية «أكراديو»، التي ينحدر منها، والتقى بدجاليها وطالبهم بدعم الأفيال للظفر بكأس إفريقيا من قلب دكار.

تحقق المطلوب وظفر العاجيون بالكأس بعد نهائي مثير ضد غانا، عرف أطول ضربات ترجيح في تاريخ إفريقيا، وتميز حارس المرمى «ألان كواميني» وتوج بلقب عريس الدورة. سيتعاقد مسؤولو الرجاء البيضاوي مع هذا الحارس في سرية تامة، دون أن يعلموا بغضب دجالي «أكراديو» بعد أن أخلف الوزير التزاماته المالية مع كبيرهم، وتوعدوا بلعنة ستصيب اللاعبين لأزيد من عقدين، فأدار الكأس ظهره للفيلة لسنوات طويلة، وشملت اللعنة حارس الرجاء «كواميني»، وأقيل الوزير من منصبه.

التنجيم الكروي لا يقتصر على إفريقيا بل يمتد إلى أوربا، نستحضر هنا المنجمة الفرنسية «مدام سولاي» التي تبين من خلال السيرة الذاتية للرئيس السابق «فرانسوا ميتيران» أنه كان يستشيرها في شؤون البلاد والعباد.

في فرنسا تتعرض العرافة «سابين جورج» لهجوم من جماهير المنتخب الفرنسي، كلما تنبأت بخسارته، فاعتزلت التنجيم. وحين ظهر منجم من فصيلة الأخطبوط، يدعى «بول» خطف الأضواء بتكهناته الصائبة، لكنه سيموت وقيل إنه اغتيل من طرف مشجع متعصب.

قبل انطلاق «الكان» قامت سلطات الدار البيضاء بهدم بيوت عرافات ضريح سيدي عبر الرحمن، كشفت المداهمة عن فشل «الشوافات» في قراءة طالعهن، وعجز «مول المجمر» عن توفير الحماية لهن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى