
النعمان اليعلاوي
تعيش الهيئة الوطنية للمهندسين الطبوغرافيين على وقع احتقان متصاعد بالتزامن مع الانتخابات الجارية لتجديد هياكلها، في ظل تبادل الاتهامات بين مكونات الجسم المهني حول غياب الشفافية، وسعي بعض الأطراف إلى إعادة إنتاج ما تصفه النقابة الوطنية للمهندسين الطبوغرافيين بـ”منظومة الفساد التي عمّرت طويلاً”.
وتؤكد مصادر مهنية أن مسار الإعداد للانتخابات شابته “اختلالات بنيوية”، بدأت بتغييب المقاربة التشاركية في صياغة اللوائح، مروراً بعدم الكشف عن البرامج الانتخابية للمرشحين، ووصولاً إلى “محاولات إطلاق حملات انتخابية تقوم على شخصنة الصراع وتغييب النقاش الجوهري حول مستقبل المهنة”.
وفي هذا السياق، أكد هشام مليح، رئيس النقابة الوطنية للمهندسين الطوبوغرافيين بالقطاع الخاص، أن الإصلاح الشامل بات ضرورة لا يمكن الاستمرار في تأجيلها، مبرزا أن النقابة تقدمت ببرنامج لخوض انتخابات الهيئة بغرض إصلاح “طموح” للمهنة يهم القطاعين الخاص والعام، مبرزاً أن الإطار القانوني الحالي لم يعد قادراً على مواكبة التطورات الاقتصادية والتقنية والمؤسساتية.
وأوضح مليح أن أول مطلب إصلاحي يتمثل في تعديل القانون 30-93 الذي أصبح متجاوزاً، ولم يعد ينسجم مع دستور 2011 والقوانين الجديدة، ولا مع حجم الأوراش الكبرى التي يعرفها المغرب، خاصة في مجالات الأمن العقاري ورقمنة المساطر والعقار الطبوغرافي. كما شدد على ضرورة إقرار قانون خاص بالصفقات العمومية المتعلقة بالهندسة الطبوغرافية، يحدد شروط المشاركة بدقة ويضمن تكافؤ الفرص، ويحمي القطاع من الفوضى التي تتسبب فيها المقاربات غير الموحدة بين الإدارات والمؤسسات.
وأشار مليح أيضاً إلى أهمية رفع الأثمان، بما يعكس القيمة العلمية والتقنية للعمل الطبوغرافي، مؤكداً أن السوق يعرف اختلالات خطيرة بسبب انتشار الممارسة غير القانونية وانتحال الصفة، وهو ما يلحق ضرراً مباشراً بالمهنيين والمواطنين على حد سواء.
وفي الجانب الاجتماعي، دعا مليح إلى إقرار نظام تقاعد منصف للمهندسين الذين تم إقصاؤهم لسنوات، رغم ما قدموه من مجهودات ومساهمات مالية مهمة في خدمة المهنة. واعتبر أن “حماية كرامة المهندس هي أيضاً حماية لهيبة المهنة وسمعتها”.
أما على مستوى الحكامة، فطالب بضرورة تفصيل مسطرة الانتخابات والمساطر التأديبية داخل الهيئة، بما يضمن الشفافية والديمقراطية وتخليق الممارسة المهنية، معتبراً أن غياب الوضوح في هذه الجوانب ترك الباب مفتوحاً للالتباس والتأويل.
وأكد مليح أن هذه الاستحقاقات المهنية تشكل فرصة لإعادة ترتيب البيت الداخلي والنهوض بقطاع يعتبر أحد الأعمدة الأساسية في كل ما يتعلق بالبنية العقارية والتنموية بالمغرب، مضيفاً قوله “نحن أمام لحظة مهمة لإرساء قواعد جديدة للمهنة، قائمة على الوضوح والمسؤولية وتحديث القوانين، حتى نواكب المغرب الذي يتطور بسرعة ويدشن إصلاحات كبرى يومياً”.





