شوف تشوف

الرأيرياضة

صفارة ناعمة

 

حسن البصري

 

أصبحت بشرى كربوبي أول امرأة تدير مباراة نهائي كأس العرش المغربي لكرة القدم، حين أسندت لها مسؤولية قيادة المواجهة التي جمعت يوم السبت الماضي بين الجيش الملكي والمغرب التطواني في أكادير.

لم تكن المهمة سهلة، رغم أن انتساب بشرى لسلك الأمن أكسبها رباطة جأش ورصيدا من الجرأة، ورغم ذلك كانت مديرية التحكيم ذكية حين دعمت بوليسية مكناس، بصديقتها فتيحة الجرموني وعينتها مساعدة لها، كما عينت رجل أمن كحكم رابع في شخص الداكي الرداد، بمعنى أنها لم تكن تقف وحدها في مفترق الطرق لتدبر اختناق المرور في أدرار.

انتهت المباراة بفوز العساكر بأخطاء قاتلة ارتكبها التطوانيون، وتبين أن فريق الحمامة البيضاء بدا وديعا في نهائي تاريخي، وأصر بعض لاعبيه على هزم أنفسهم قبل أن يهزمهم خصومهم.

شخصيا، سعدت لهذا التعيين الذي يرد الاعتبار للمرأة الحكمة، لكنني تساءلت كيف سيتواجد رباعي التحكيم المكون من حكمتين وحكمين في غرفة ملابس الحكام؟

تقاسمت مع إدارة الملعب البحث عن حل لهذه المشكلة، فلا يمكن الاختلاط في غرفة واحدة، لكن صديقي وهو مدير مركب رياضي، انتشلني من حيرتي وقال لي إنه في مثل هذه الحالات تخصص غرفة جانبية للرجال وأخرى للنساء، أو يطلب من الحكام ارتداء زي التحكيم في الفندق قبل التنقل إلى الملعب، تفاديا لأي إحراج محتمل.

لقد عاينت في ملعب تيسما واقعة ثلاثي تحكيم «ميكست»، وشاهدت كيف خرج حكمان من غرفة الملابس ليفسح المجال للحكمة لتغيير ملابسها وتصفيف شعرها ووضع مرهم مضاد للشمس على وجهها، وحين تأخرت شرع الحكمان في طرق الباب أمام سخرية مندوب المباراة.

ما أن انتهت مباراة أكادير حتى انهالت على الحكمة كربوبي شآبيب السخرية، فقد نشر أحد لاعبي المغرب التطواني صورة تؤرخ للحظة تلقيه البطاقة الصفراء من الحكمة، وأرفقها بصورة مطبخ، في إشارة إلى أن مكان بشرى الطبيعي هو المطبخ وليس الملعب.

وتعرضت الحكمة المغربية لتعليقات ساخرة من قبل بعض المشجعين الذين مسحوا فيها خسارة كأس العرش، وهو سلوك تتعرض له الحكمات في جميع الملاعب، وكأن المباريات لا تكتمل إلا بحكم صارم وصفارة خشنة أشبه بصافرة إنذار، وتقاسيم قاسية وقرارات لا تقبل النقاش والتبرير.

عانت الحكمة المغربية خديجة رزاك من السلوكات المنفلتة للمشجعين والمسؤولين والمدربين ومن بعض زملائها الحكام، وذلك قبل عشر سنوات حين أصبحت أول امرأة مغربية تقود مباريات البطولة الوطنية لكرة القدم رجال، ولأنها كانت لاعبة سابقة فقد تفهمت الموقف وسلت الشعرة من عجين الصراع.

حين تسمع لمعاناة الحكمات في ملاعب كرة القدم ينتابك شعور بالخزي والعار، فقد رفض فريق سوسي دخول الملعب لأن العصبة عينت امرأة تدعى كريمة خاضيري بدل رجل، دون مبرر لهذا الفيتو، ومرت الأيام وأصبحت كريمة حكمة دولية وأصبح الرافضون على ما فعلوا نادمين.

وعرضت على لجنة التحكيم بآسفي قضية تحرش علني ضد حكمة، حين وصفها عميد الفريق بـ«التيتيزة» فاحمرت وجنتاها واضطرت لطرده، بينما عاشت حكمة أخرى ساعة في الجحيم بسبب مدرب طالبها بإطلاق زغرودة عند كل قرار بدل الصفير. وحتى نكون منصفين فالتحرش بالحكمات لا يقتصر على ملاعبنا بل يمتد إلى الملاعب الأوربية، فقد قال لاعب ألماني طردته الحكمة بيبيانا شتاينهاوس في ملعب دوسلدورف: «النساء مكانهن في المطبخ وليس الملاعب».

أما إذا كانت الحكمة ذات قوام مثير فانتظر غارة تحرش من المدرجات، وهذا ما حصل للحكمة المصرية شيماء التي تحمل شارة دولية وفي رصيدها لقب وصيفة ملكة جمال العرب. وحصل أيضا للحكمة التونسية سمر حسني التي كانت جميع الفرق تمني النفس بتعيينها لتنعم بفرجة جانبية.

أيها اللاعب غض بصرك وتذكر أن النظرة الأولى للمرأة الحكمة لك والثانية عليك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى