شوف تشوف

الرأيالرئيسية

لهوُ بالنار!

لا يعرف الأطفال في صغرهم أن النار حارقة. وقد يحاول هذا أو ذاك منهم الاقتراب منها واللهو بها، فيلحقه أحد من ذويه قبل أن يشعل البيت نارا. ولكن من يلحق كبارا يلهون بالنار عندما يشنون حروبا غير عادلة، أو يتسببون فيها، أو يستهينون بما يمكن أن يؤدي إلى اندلاعها؟

سؤال أُجيب عنه مراتُ لا حصر لها طوال التاريخ بما يفيد أن أحدا لا يستطيع أن يثنيهم عن اللهو بالنار حين لا يستطيعون تقدير الأمور. والسؤال مطروح الآن، للمرة الثانية في عام ونيف، بمناسبة استهانة مسؤولين كبار في تايوان بالمستوى الذي بلغه التوتر مع الصين منذ الصيف الماضي، والاتجاه إلى تكرار ما أدى إلى تصاعده.

لقاء يراد له أن يجمع رئيسة تايوان، تساي إينج وين، ورئيس مجلس النواب الأمريكي الجديد، كيفين مكارثي، قبل أن تبرد تماما نار زيارة الرئيسة السابقة لهذا المجلس، نانسي بيلوسي، إلى تايبيه. ويبدو أن مكارثي استجاب لطلب البيت الأبيض التخلي عن التوجه إلى تايبيه، قبل أن يُطفأ كليا لهيب زيارة بيلوسي. ومع ذلك تصر رئيسة تايوان على عقد اللقاء في واشنطن.

يعرف المسؤولون التايوانيون أن توقفهم في أمريكا في طريقهم إلى دول أخرى يستفز بكين، وإن كان امتناع البيت الأبيض والمؤسسات التنفيذية عن الاجتماع بأي منهم يقلل التوتر الذي يترتب على «سياسة الترانزيت» هذه.

وليس واضحا بعد بدرجة كافية كيف تنظر أغلبية شعب تايوان إلى ميل قادة الحزب الديمقراطي القومي الحاكم الآن إلى اللهو بالنار.

وإذا اعتبرنا الانتخابات المحلية، التي أجريت في نونبر الماضي، معيارا فربما تكون نتيجتها مؤشرا إلى عدم رضا عن سياسة هذا الحزب. فقد حقق الحزب القومي «الكونتانج» تقدما، وانتزع رئاسة العاصمة ومعظم المقاطعات.

وإذا صح هذا الاستنتاج، ربما يؤدي فوز «الكونتانج» في الانتخابات الرئاسية، العام المقبل، إلى تبني سياسة مختلفة. يؤيد هذا الحزب التفاهم مع الصين، ودعم العلاقات معها. ولهذا رحبت بكين علنا بنتائج انتخابات نونبر الماضي. ولكن تحقق هذا الاحتمال لا يعني إنهاء النزاع، بل خفض حدته ووقف اللهو بالنار إلى حين.

وحيد عبد المجيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى