
النعمان اليعلاوي
تعيش العديد من أحياء المدينة العتيقة بسلا، خاصة التابعة لمقاطعة المريسة، على وقع انقطاع متكرر للإنارة العمومية، وسط أعطاب متراكمة أغرقت الأزقة في ظلام دامس، في وقت طالبت جمعيات المجتمع المدني رئيس مقاطعة المريسة، عبد القادر لكيحل، ورئيس جماعة سلا، عمر السنتيسي، بالتدخل العاجل لمعالجة هذه الأعطاب، خاصة على طول كورنيش سلا وحي سيدي موسى.
في هذا السياق، أوضحت الجمعيات أن عدداً من أعمدة الإنارة لم تخضع للصيانة منذ أكثر من عشر سنوات، وأن المتواجدة بمحاذاة الساحل تتعرض للتآكل بسبب الرطوبة، فيما تضررت أخرى بشكل كبير منذ المد البحري الأخير. كما نبّهت إلى أن الوضع لم يعد يقتصر فقط على الأعمدة المتآكلة، بل شمل أيضا أعطاباً متكررة في المصابيح والشبكة الكهربائية، ما جعل مساحات واسعة من الأحياء السكنية تغرق في ظلام يثير مخاوف السكان.
ورغم توصل مجلس المدينة بشكايات متكررة من السكان حول الوضع المقلق، تؤكد فعاليات محلية أن المجلس يعيش في “عطلة” عن الاستجابة للمطالب، في ظل تفاقم المخاوف من ارتفاع حوادث السرقة واعتراض سبيل المارة نتيجة الظلام الذي يلف الأزقة والشوارع الثانوية. “أصبحنا نخشى العودة إلى منازلنا ليلاً بسبب غياب الإنارة العمومية، وكأننا نعيش في منطقة مهجورة”، يقول أحد سكان حي سيدي موسى، معبّرا عن غضب واسع وسط السكان الذين يرون أن المجلس البلدي يتقاعس عن أداء مهامه الأساسية.
تزامناً مع هذه الأوضاع، أنهت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقاتها مع عدد من المسؤولين والمنتخبين البارزين بسلا، بخصوص الشكاية المتعلقة باختلالات مالية جسيمة بشركة “سلا نور” المفوض لها تدبير مرفق الإنارة العمومية. الشكاية، التي أحالها الوكيل العام للملك، وُجهت من طرف العمدة السابق للمدينة، جامع المعتصم، واستندت إلى تقرير للمفتشية العامة للإدارة الترابية رصد مجموعة من التلاعبات المالية والمحاسباتية داخل الشركة. التحقيقات شملت مسؤولا بارزا ونائب عمدة سابق، إضافة إلى أعضاء بمجلس إدارة الشركة، وهو ما زاد من حدة الجدل السياسي بالمدينة.
ويرى متتبعون أن تدهور خدمات الإنارة العمومية بالمدينة يرتبط بشكل مباشر بالاختلالات التي تعرفها الشركة المفوض لها تدبير هذا القطاع، إذ أضحى المواطنون يؤدون ثمن ما وصفوه بـ”سوء التدبير والفساد المالي”، في وقت تتزايد المطالب بفتح نقاش جدي حول طرق تدبير المرافق العمومية بسلا وإعادة النظر في عقود التدبير المفوض التي أثارت جدلا متكررا.
من جانبها، نفت شركة “سلا نور” اتهامات الإهمال، مؤكدة أن الأضرار التي لحقت بالشبكة الأرضية بسبب عوامل طبيعية وأعمال تخريبية وسرقة الكهرباء هي السبب في تدهور الخدمة، مشيرة إلى أنها تتدخل بشكل شبه يومي لإصلاح الأعطاب، مع وعد بدراسة مشروع لإعادة هيكلة الإنارة العمومية على طول الشريط الساحلي. غير أن هذا التوضيح لم يقنع السكان الذين يؤكدون أن التدخلات تبقى ترقيعية وغير قادرة على إنهاء الأزمة المستمرة منذ سنوات.





