حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

إفلاس السياسة

الحقيقة التي لا يمكن لأي أحد أن ينكرها هي أننا نعيش زمن إفلاس السياسة، وهذا الأمر لا يمكن أن يتم بإعلان رسمي من الحكومة أو الأحزاب أو النقابات، فهو ملموس ومعاش من دون إعلان رسمي. وهذا الفراغ السياسي خطر في حد ذاته، بل ليس هناك ما هو أخطر على المجتمع والدولة من الإفلاس السياسي، وهو لا يقل خطورة عن الإفلاس الاقتصادي والمالي، حيث تواجه الدولة آنذاك مشكلة كبيرة في عدم الاستقرار السياسي أو ضعف الاستثمار أو سوء إدارة أموال المستثمرين، وبالتالي تتوقف أو تضعف التدفقات النقدية، وبالتالي عدم القدرة على قيام الدولة بواجباتها.

الفرق أنه، في حالة الإفلاس الاقتصادي والمالي، قد تتمكن الدولة من التغلب على الظروف التي أدت إلى إعلان إفلاسها، بطلب مساعدة دولة أخرى أو الاقتراض من منظمة مالية.. لكن الإفلاس السياسي لا يمكن تخطيه إلا بالإرادة الذاتية للأحزاب والنقابات والبرلمان والحكومة الوطنية.. وهنا نحتاج إلى مؤسسات حقيقية وفاعلة في المجتمع وليس رجع صدى، وكائنات تتبع الأحداث لا تصنعها. وللأسف الشديد السياسي لم يعد يصنع الحدث وإذا صنعه يصنعه بطريقة مأساوية، من يصنع الأحداث السياسية والاجتماعية اليوم هم «الديزيدروس»، «الألتراس»، معارضو «اليوتوب»، التنسيقيات، والظواهر الصوتية.

صحيح أن هناك من يعتقد أنه يمكن تدبير الشأن العام بدون سياسة بل فقط بالقرارات التقنية. وهذا المنطق التقنوقراطي الجاف قد يصلح في مجالات المال والأعمال، لكن ليس في تدبير الشأن العام من لدن مؤسسات منتخبة ناتجة عن صناديق الاقتراع. فمهما بلغت قدرات التقنيين فلا يمكن أن يكون ذلك على حساب السياسة وأدواتها الطبيعية لأنها تعكس في جوهرها منطق الديمقراطية التمثيلية.

والحل الوحيد لمعالجة حالات الإفلاس السياسي أن تقوم الأحزاب والنقابات بدورها الوسيط والتأطير والتعبئة، كما من المفروض على الحكومة والبرلمان والأغلبية والمعارضة ممارسة اختصاصاتها وتبني سياسات وقوانين فعالة تعالج جذور الأزمات التي أدت إلى إعلان حالة الإفلاس السياسي وألا تكون مؤسسات بلا جدوى. لكن المشكلة أن ذلك لا يتم بين يوم وليلة، بل يستغرق سنوات للخروج من هذه والوضعية، مما يجعل جيلا بأكمله يعاني لسنوات.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى