شوف تشوف

جيران وشمن جيران

عندما سمعت عبد المالك سلال الوزير الأول الجزائري السابق يعترف أمام قضاء بلاده بتبذير 33 مليار دينار فقط لتدمير صناعة السيارات بالمغرب، تذكرت تلك النكتة التي تقول إن جنيًا خرج لعربيين وأوربيين وأمريكيين في غابة وأمرهم أن يطلبوا منه أي أمنية يشاؤون وسوف يحققها لهم فورا.
فطلب الأوربي مليون دولار فقال له الجني سأعطيك مليون دولار وسوف أعطي لزميلك الأوربي مليوني دولار، فقال له هنيئا له.
ثم سأل الأمريكي عن أمنيته فقال له أن يعطيه مليار دولار فأعطاها إياه وقال له لسوف أعطي زميلك مليارين، فقال له مبروك عليه.
ثم التفت إلى أخينا العربي وقال له ماذا تطلب، فسكت قليلا وهو يفكر ثم نطق قائلا: أنا ثقب ليا هاد العين.
وطبعا فالهدف كان هو أن يثقب له الجني عينًا واحدة بينما سيثقب لأخيه عينيه معًا، أي أنه سيخسر نصف قدرته على الرؤية فقط لكي يتسبب لأخيه في العمى التام.
هذه النكتة تنطبق حرفيا على إخوتنا الجزائريين في قصر المرادية. فهم مستعدون لكي يتسببوا في إفلاس خزينة الدولة فقط لإلحاق الأذى بالمغرب.
استثمر المغرب في الطاقة الشمسية فقرروا هم أيضا الاستثمار فيها فقط لعرقلة مشروع المغرب.
استثمر المغرب في الفوسفات فاستفاقوا مؤخرا وبدؤوا يستغلون مناجم الفوسفات ويحاولون منافسة المغرب على زبائنه.
شيد المغرب مسجد الحسن الثاني فقضوا عشرين سنة يشيدون مسجدا يشبهه وعندما افتتحوه اتهموا المغرب ببرمجة الإعلان عن افتتاح قنصلية الإمارات في العيون في نفس تاريخ تدشين مسجدهم للتشويش على هذا الحدث العظيم.
استثمر المغرب في المناطق الصناعية لتركيب السيارات وجلب كبريات الشركات العالمية حتى فاقت عائدات هذه الصناعة عائدات الفوسفات فخصصت الجزائر 33 مليار دينار لجلب شركات صناعة السيارات ودفعها لترك المغرب.
وسيكون من نافل القول أن نوضح أن كلام القنصل لا يسري على الشعب الجزائري الذي نشترك معه اللغة والدين والثقافة والدم، بل يسري على التصريحات العدوانية للقادة الجزائريين الذين يعتبرون فيها المغرب عدوهم الأول.
في كل مرة أقرأ موضوعا أو خبرا حول الشأن المغربي الجزائري وأرى كيف يلصق كاتب المادة تصرفا أرعن للقادة الجزائريين بالجزائر كشعب وبلد أشعر بالحزن، فالجزائر كشعب وأمة وبلد ليس مسؤولا عن حماقات وعقد حفنة من قدماء العساكر الذين يرهنون مستقبل الشعب الجزائري ويمسكون بخناقه.
إننا كشعب مغربي وكدولة متضامنون مع الشعب الجزائري في محنته، وندعمه في حقه في تقرير مصيره والعيش على أرضه بحرية وكرامة والاستفادة من ثرواته الطبيعية التي يضع عائداتها قادته في أرصدتهم بالخارج ويخصصون ما تبقى منها لتمويل وتغذية العداء ضد المغرب في كل بقاع العالم.
إن المغرب لم يكن لديه في يوم من الأيام مشكل مع الجزائر كشعب ولا كقيادة، بل إن قيادات الجزائر، من بنبلة إلى تبون، مرورا بالهواري بومدين والشاذلي بن جديد وعلي كافي وليامين زروال وبوتفليقة هي التي كانت لديها مشاكل مع المغرب.
مشكلة الحكام في الجارة الشرقية أنهم “معاندين” مع الملك، “والزغبيين كون غي كانت عندهم الخرقة للمعاندة”، الحسن الثاني رحمه الله شيد أكبر مسجد في الدار البيضاء، “ناض” بوتفليقة وقرر أن يشيد أكبر منه، “راهم باقين حاصلين فيه”.
الملك محمد السادس شيد أكبر ميناء في طنجة، ناض الرايس ملي كان باقي رايس وقال لهم “بغيت واحد بحالو”، فشرعوا في وضع التصاميم وعندما أرادوا الشروع في البناء وجدوا أن صناديق الدولة فارغة.

الملك شيد أكبر محطة للطاقة الشمسية في ورزازات، “ناضو الخوت” وقالوا لمهندسيهم “بغينا بحالها”، واقترحوا أسعارا لبيع الطاقة أقل من تلك التي اقترحها المغرب، “غي باش يناكيونا والسلام”، وإلى اليوم لم تظهر هذه المحطة الشمسية.
الملك نظم مؤتمرا للقادة الأفارقة على هامش الكوب 22 بمراكش، “ناضو” الإخوة ونظموا منتدى اقتصادي يجمع رجال الأعمال الأفارقة، وقد”نجح” المنتدى في تشويه صورة الجزائر أمام القلة القليلة من رجال الأعمال الذين استجابوا للدعوة بعدما انسحب أعضاء الحكومة الجزائرية غاضبين من بعضهم البعض بسبب صراع حول الأسبقية في أخذ الكلمة، وعوض أن يسفر المنتدى عن توقيع شراكات أسفر عن الكشف عن وجود صراع بين عبد المالك سلال الوزير الأول السابق ووزير الخارجية السابق رمطان العمامرة، أي أنهم عوض أن يروجوا لصورة الجزائر “ضربو الطر” لها.
وحتى الشأن الديني الذي يقوده الملك تحت مؤسسة إمارة المؤمنين أراد بوتفليقة عندما كان رئيسا أن ينقله، فعندما أطلق الملك مشروع تكوين الأئمة في مالي وغينيا كوناكري وليبيا وتونس، كتبت جريدة “الشروق” أن المغرب يكون الأئمة الماليين ضد الجزائر، وأعلن بوتفليقة عن تأسيس معهد لتكوين أئمة دول الساحل، وها نحن ما زلنا ننتظر أن تتخرج هذه الأفواج الموعودة من الأئمة.
والنتيجة أن “النقيقيل بقا تابع الملك حتى جابها فراسو”، إذ إن كل المشاريع التي نقلها من الملك وأراد تطبيقها أوصلها إلى الإفلاس أو لم يستطع أن يشرع فيها أصلا.
والسبب هو أن هدف الحكام الجزائريين ليس هو جلب استثمارات للجزائر لخلق فرص الشغل وتنمية البلد، ولكن هدفهم هو “التعانيد” مع الملك، حتى ولو كلفهم ذلك “تغراق الشقف” للجزائر.
والحقيقة أنه اليوم بعد الاعتراف العلني لعبد المالك سلال بإهدار كل هذه الأموال فقط من أجل ضرب قطاع صناعة السيارات بالمغرب يمكن أن نتفهم أكثر موقف القنصل المغربي في وهران الذي قال إن الجزائر دولة عدوة. أليس من حقنا أن نتساءل بعد كل هذا ما إذا كنا إزاء دولة جارة أو عدوة ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى