
محمد ظهيــري
– تدريس مادة الدين الإسلامي في النظام التعليمي الإسباني
– الرعاية الدينية في المؤسسات والمراكز العمومية الإسبانية
يعتبر تدريس مادة الدين الإسلامي في المؤسسات التعليمية العامة والخاصة الإسبانية للتلاميذ المسلمين من الحقوق التي أقرتها اتفاقية التعاون المبرمة، بين الدولة الإسبانية والمفوضية الإسلامية في إسبانيا سنة 1992م (القانون 26-1992، الموقعة بتاريخ 10 نونبر من عام 1992م)، حيث ينص فصلها العاشر في مادته الأولى (10.1) على أن الدولة الإسبانية تضمن «[…] للتلاميذ المسلمين ولآبائهم ولأجهزة الدولة التعليمية المسؤولة التي تطلب ذلك، حق تلقي تعليم الدين الإسلامي في المؤسسات التعليمية التابعة للقطاعين العام والخاص […] في مستويات التعليم الثلاثة: تعليم الطفولة المبكرة والتعليم الابتدائي ثم التعليم الثانوي». كما ينص الفصل نفسه في مادته الثانية (10.2)على أن: «التعليم الديني الإسلامي سيُناط تعليمه بأساتذة معينين من قبل الجمعيات الإسلامية التي تنتمي إلى «المفوضية الإسلامية الإسبانية» وبموافقة الاتحاد الذي ينتسبون إليه».
وبهدف تفعيل منطوق المادة الثانية للفصل العاشر(10.2)، تم توقيع اتفاقية تنظم تنصيب وكذا تحديد النظام الاقتصادي للأشخاص المكلفين بتعليم الدين الإسلامي في المؤسسات التعليمية العمومية للتعليم الابتدائي والثانوي بتاريخ 12 مارس من سنة 1996م، والذي تم تحديثه بموجب قانون التعليم الأساسي لعام 2006م والمرسوم الملكي لعام 2007م الذي ينظم شروط عمل معلمي الدين.
وعلى الرغم من أن برنامج دروس التعليم الديني الإسلامي وكذا الاتفاق المتعلق بتعيين المعلمين لتدريس المادة، قد تمت الموافقة عليهما وتنظيمهما من خلال الإطار القانوني المذكور أعلاه، فمن مجموع سبعة عشر إقليما (حكومات جهوية ذات صلاحيات واسعة) اثنا عشر إقليما فقط تطبق الحد الأدنى القانوني. يتعلق الأمر بأقاليم: أندلسيا-الأندلس، أراغون، جزر الكناري، قشتالة وليون، قشتالة – لامانشا، فالنسيا، إكستريمادورا، مدريد، إقليم الباسك (مفتوحة للتعليم الثانوي)، لاريوخا (أيضا في التعليم الثانوي)، بالإضافة إلى مدينتي سبتة ومليلية.
من بين كل هذه الأقاليم، التي تتمتع بالحكم الذاتي في إطار توافقات الانتقال الديمقراطي لأواخر القرن الماضي بإسبانيا، يوجد ستة وسبعون (76) مدرسا لتدريس الدين الإسلامي لما مجموعه 312.498 تلميذا مسلما، 179.357 منهم تلاميذ مسلمون من أصول مهاجرة و133.141 تلميذا مسلما من أصول إسبانية. ويتمركز أغلب هؤلاء الطلبة في ثلاثة أقاليم، هي: إقليم كاتالونيا وإقليم أندلسيا-الأندلس، ثم إقليم مدريد، حيث نسبة المسجلين في مستويات التعليم الثلاثة بها (تعليم الطفولة المبكرة والتعليم الابتدائي ثم التعليم الثانوي) تمثل 57،3 في المائة من مجموع التلاميذ المسلمين المسجلين في كل الأقاليم الإسبانية. أي ما مجموعه 179.364 تلميذا، يتقدمهم إقليم كاتالونيا بـ27,5 في المائة من مجموع التلاميذ (85.842)، ويليه إقليم أندلسيا- الأندلس بنسبة 15،2 في المائة (47.603)، ثم مدريد بنسبة 14،7 في المائة (45.919). باقي التلاميذ موزعون على أقاليم فالنسيا 31.890، مورسيا 18.512، أراغون 9.934 قشتالة- لامانشا (9.610)، إقليم الباسك (9.316)، جزر البليار (8.648)، قشتالة- ليون (6.151)، ثم إقليم نافارا (4.016). الأقالم المتبقية، عدد التلاميذ المسلمين في نظامها التعليمي لا يتعدى 3.300 تلميذ.
أما في ما يتعلق بالرعاية الدينية في المؤسسات والمراكز العمومية الإسبانية فهي كذلك مكفولة بموجب القانون نفسه (القانون 26-1992)، فالحق في الحصول على الرعاية الدينية الإسلامية في الجيش أو السجون أو مراكز احتجاز المهاجرين القاصرين غير المرافقين أو غيرها من المراكز المماثلة في القطاع العام الإسباني، معترف به في الفصل الثامن الذي تنص مادته الأولى على أنه «يُعترف للجنود الإسبان المسلمين، سواء أكانوا محترفين أم لا، ولأي شخص يعتنق هذا الدين ويقدم خدمات في القوات المسلحة، بحق تلقي الرعاية الدينية الإسلامية والمشاركة في الأنشطة والطقوس الدينية المناسبة للإسلام […]». كما تنص المادة الأولى من الفصل التاسع من القانون ذاته على أنه: «يُضمن حق الحصول على الرعاية الدينية لنزلاء السجون والمستشفيات أو غيرها من المراكز التابعة للقطاع العام، المقدمة من قبل الأئمة أو الدعاة الذين تم تعيينهم من لدن الجمعيات الدينية […]».
من جهة ثانية، وتطبيقا لأحكام اتفاقية التعاون لعام 1992م (القانون 26-1992) والمرسوم الملكي لعام 2006م الذي ينظمها، تم توقيع اتفاقية تعاون بين الدولة الإسبانية واللجنة الإسلامية في إسبانيا في تاريخ 24 أكتوبر من سنة 2007م، من أجل تمويل التكاليف الناجمة عن الشروع في تفعيل الرعاية الدينية في المؤسسات السجنية التي تديرها الدولة. وفي 9 يوليوز لعام 2008م، تم توقيع اتفاقية تعاون بين الحكومة الإقليمية لكاتالونيا والمجلس الإسلامي في كاتالونيا، لضمان الحق في الرعاية الدينية للمحتجزين في مراكز السجون الكاتالانية. كما تم في 4 مارس من سنة 2015م، توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة الداخلية والمفوضية الإسلامية في إسبانيا، لضمان المساعدة الدينية الإسلامية في مراكز احتجاز الأجانب، المعروفة بحروفها الأولى باللغة الإسبانية بـ(CIE).
ووفقا لآخر البيانات المتوفرة إلى حدود فاتح يناير 2019م، يوجد عشرون إماما فقط في إسبانيا لكل مراكز السجون، وسبعة لكل مراكز احتجاز المهاجرين الأجانب الموجودين في مجموع التراب الإسباني.




