
أكادير: محمد سليماني
بات عدد من المستثمرين الذين يحلون بأكادير من أجل الاستثمار في عدد من القطاعات الاقتصادية والخدماتية والترفيهية، يصطدمون بمعضلة غياب الوعاء العقاري اللازم للاستثمار بالمدينة، خصوصا في القطاعات الإنتاجية المدرة للدخل وفرص الشغل.
واستنادا إلى المعطيات، فإن أكادير أصبحت مدينة لا تتوفر على متر واحد مخصص للاستثمار، ووضعه رهن إشارة رجال المال والأعمال لتنزيل مشاريع تنموية مدرة للدخل وفرص الشغل، الأمر الذي أضحى يدفع عددا من المستثمرين المغاربة والأجانب إلى ترك أكادير والعودة إلى مدن أخرى كمراكش وطنجة، حيث يتم توفير بدائل لهم وتشجيعات وتحفيزات غير متوفرة بعاصمة سوس.
وحسب المعطيات، فإن بيروقراطية الإدارة بمدينة أكادير بين المصالح المتدخلة، أضحت تنفر عددا من المستثمرين، وتدفعهم إلى العودة من حيث أتوا، حيث يتم تقاذفهم بين إدارات مختلفة من أجل الحصول على وثائق إدارية، إضافة إلى طول المدة للحسم في بعض القرارات التي لا تحتاج مدة أطول، وعجز اللجنة الجهوية للاستثمار التي تترأسها الولاية عن الوقوف عن كثب على مشكل الاستثمار بخصوص كل مستثمر على حدة، إذ يتم التركيز فقط على الأرقام، وإبرازها بشكل يوحي أن هناك نموا مضطردا في أعداد المقاولات والشركات، دون الحديث عن عدد المستثمرين الذين غادروا المدينة لأسباب كثيرة.
وحسب مصادر مطلعة، فإن ما جعل أكادير مدينة بدون عقار مخصص للاستثمار، هو غياب الرؤية المستقبلية بخصوص تنويع الأنشطة الاقتصادية والصناعية بالمدينة، حيث تم وضع كيلومترات من الأراضي رهن إشارة «مافيا» المنعشين العقاريين بأثمنة بخسة جدا، من أجل تشييد ملايين الشقق السكنية الصغيرة جدا على شكل «علب الكبريت»، وبيعها إلى العموم بأثمنة خيالية، بعد ترويج أغلبها في السوق السوداء للحصول على ضعف سعرها الحقيقي خارج الضوابط القانونية.
وقد أصبح مشكل توفير العقار اللازم للاستثمار، محور النقاشات التي تنظم سنويا بمقر الولاية احتفالا باليوم الوطني للمهاجر، حيث يرفع أغلب المهاجرين أصواتهم عاليا بكون المدينة لم تعد توفر عقارا لازما للاستثمار، في حين يظل مسؤولو الولاية عاجزين عن إيجاد حلول ملموسة لهذه الأزمة.
وبعدما أصبحت أكادير مدينة بدون عقار للاستثمار وتحولها إلى مدينة للتجزئات والعمارات السكنية، يحاول «مافيا» المنعشين العقاريين وضع اليد على كل قطعة أرضية وسط المدينة، قصد تحويلها إلى عمارات سكنية، لكون هذا النوع من المشاريع «يبيض ذهبا»، بل أصبح بعضهم يلجأ إلى السرعة النهائية قصد الظفر ببعض القطع الأرضية غير المبنية المنتشرة عبر ربوع المدينة، وخصوصا ببعض المحاور الهامة والاستراتيجية وسط عاصمة سوس، وذلك قصد تحويلها إلى مشاريع سكنية وعمارات تحت غطاء الاستثمار، كما أضحت هذه «المافيا» تمارس حيلا أخرى من أجل الظفر بهذه البقع الأرضية التي تسيل لعاب الكثيرين بأكادير، بحيث إنهم أصبحوا يقدمون ملفات للحصول على تراخيص لتفويت هذه البقع الأرضية، قصد تحويلها إلى مؤسسات تعليمية خاصة، وذلك لتسهيل عملية التفويت، غير أنهم مباشرة بعد ستة أشهر إلى سنة من العملية يقومون بتحويلها إلى عمارات سكنية وتجزئات، بعد أن تصبح هذه البقع في ملكيتهم.





