شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

لا سياحة مع «الموت»

يونس جنوحي

 

«يجب تجنب المظاهرات والحشود الكبيرة والتجمعات السياسية. انتبهوا للأخبار المحلية، وخصوصا وسائل التواصل الاجتماعي واتبعوا نصائح الشركات السياحية».

بهذه العبارات، وأخرى غيرها، خاطب مسؤولو وزارة الخارجية البريطانية مواطني البلاد عبر بلاغ جاء فيه أنه من المرجح جدا أن يتم تنفيذ هجمات إرهابية في باكستان.

هذا التحديث الجديد في تحذيرات السفر، نبّه البريطانيين إلى إمكانية أن يصبحوا ضحايا عمليات اختطاف، أو العنف الطائفي، أثناء زياراتهم السياحية إلى باكستان.

البلاغ قدم لائحة بالأماكن التي لا يُنصح البريطانيون بزيارتها في الوقت الراهن، وعلى رأسها إسلام آباد ولاهور وكراتشي.

أما مكتب التنسيق الفيدرالي، فقدّم لائحة أطول، تضم مقاطعات في مختلف مناطق البلاد، بل وتشمل حتى بعض أسماء الأحياء في العاصمة وبعض الطرق الرئيسية والسريعة الرابطة بين المدن.

وهذا ما فهم منه المحللون أن الأمر يتعلق بمعلومات استخباراتية أنذرت بريطانيا مبكرا بوجود مخطط لتنفيذ عمليات تستهدف مواطني بلادها في باكستان.

البريطانيون يعرفون الباكستانيين جيدا. بحكم الروابط التاريخية بين البلدين أولا، ثم لوجود جالية كبيرة من الباكستانيين، منذ أكثر من قرن، يعيشون في بريطانيا ويتميزون بالحفاظ على علاقتهم بموطنهم الأصلي رغم أن مواطني الجيل الثالث والرابع من الباكستانيين وُلدوا في بريطانيا ويحملون جوازات بريطانية.

لكن هذا كله لا يعني أنه لا توجد مشاكل في الاندماج وتحديات أمام المسلسل الطويل للتعايش الاجتماعي.

ما زاد من قلق البريطانيين أن الخارجية البريطانية تحدثت عن ضرورة الالتزام باحترازات صحية أثناء زيارة باكستان، وعدم التعرض لأشعة الشمس مطولا، بل والتعرف على إجراءات السلامة المتبعة في حال وقوع زلازل.

أخبار من هذا النوع تجعل الكثيرين يُلغون رحلاتهم السياحية صوب باكستان دون أن يُفكروا مرتين، خصوصا وأن بعض التجارب السابقة أظهرت أن بلاغات الخارجية تكون دائما على حق.

حوادث الاختطاف التي تعرض لها بريطانيون في دول من بينها باكستان خلال السنوات العشر الأخيرة، أكدت بالملموس أن بعض التهديدات لا تكون عشوائية دائما. الخاطفون طالبوا فعلا حكومة بريطانيا بالفدية وعاشت العائلات كوابيس حقيقية بسبب تعرضها للابتزاز أثناء عمليات التفاوض.

الخارجية البريطانية لم يفتها أن تُنبه رعاياها الذين يرغبون في زيارة باكستان إلى خطورة التجول في الأماكن العامة بما فيها المطاعم ومراكز التسوق الشعبية، بل وحتى المطارات ومشاريع البنيات التحتية في باكستان، واعتبرتها جميعا غير آمنة.

إذا لم ينزل السائح في المطار، ولم يستعمل المواصلات العامة ولم يتردد على الأسواق والفنادق والمطاعم، فماذا سيفعل في باكستان على كل حال؟

هناك وجهات أخرى حول العالم تستفيد بالتأكيد من صدور بلاغات من هذا النوع. وهي وجهات أكثر أمانا لا مكان فيها لاحتمال وقوع هجمات من هذا النوع، ولا يُشكل فيها استعمال المرافق العامة أي خطورة على الأجانب.

والمغرب على رأس الوجهات السياحية التي يُنصح بها في مثل هذه المواقف.

في مرحلة ما بعد الحجر الصحي ورفع الإجراءات المشددة للسفر، كان المغرب الوجهة السياحية الأولى التي نصحت بها حكومات بريطانيا وألمانيا مواطنيها. في وقت كانت فيه دول كبرى تعيش فوضى حقيقية ويسقط فيها الضحايا تباعا، وتعلن فيها حالات الطوارئ وعجز المستشفيات عن استيعاب الإصابات.

الناس دائما ما يبحثون عن خطط بديلة. ومسؤولو السياحية في بعض الدول، من بينها نحن بطبيعة الحال، مدعوون إلى اغتنام فرص مماثلة لكي يُروجوا إيجابيا لبلدانهم حتى تصبح وجهة بديلة عن مناطق التوتر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى