حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضةسياسية

وهبي الآخر

 

حسن البصري

 

ما أن أعلن الحكم عن نهاية مباراة المنتخب المغربي ونظيره الفرنسي، بتأهل «أشبال الأطلس» إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم للشباب، حتى اندلعت معركة في ساحات منصات التواصل الاجتماعي، بين المغاربة والجزائريين حول أصول اللاعبين.

ولأن الإنجاز تاريخي، وغير مسبوق في تاريخ الكرة العربية، فقد سعى كثير من الجزائريين إلى تبني جزء من النجاح والترامي على جزء من كعكة الإنجاز.

قالوا إن لاعب المنتخب المغربي الفلاني من أب جزائري، وادعوا أن اللاعب العلاني من أم جزائرية، وبحثوا لأنفسهم عن موطئ قدم في هذه الزفة التاريخية.

ليس غريبا عن شعب تخصص كباره في علم الأنساب، فقالوا إن جذور ميسي من تيزي وزو، وإن إنفانتينو ابن بحار جزائري. ورحم الله العقيد معمر القذافي الذي قال في تجمع للفنانين الليبيين:

«يا أبناء الجماهيرية عليكم أن تفخروا بالانتماء لهذا الوطن، الذي أنجب شيكسبير واسمه الحقيقي الشيخ الزوبير». فصفق الحاضرون بحرارة، وهم يعلمون أن العقيد قد دخل مربع عمليات الخرف.

كسر هؤلاء الشباب، الذين ينتمون إلى جيل «زد»، حاجز الخوف، ووقفوا في وجه علماء الأنساب، وعلماء الكرة ورددوا «منبت الأحرار» في ملاعب الشيلي، وانتزعوا تصفيقات العدو قبل الصديق.

صحيح أن منتخب الشباب يضم فئة واسعة من أبناء جاليتنا في المهجر، ولكن المدرب محمد وهبي هو أيضا من الكفاءات المغربية المغتربة في بلجيكا، وأحد خريجي مدرسة أندرليخت العريقة.

حين خسر وهبي مباراة نهائي كأس أمم إفريقيا لأقل من عشرين سنة في شهر ماي الماضي، شوهد وهو يمسح دموع الحسرة التي غمرت لاعبيه، ويردد: «القادم أفضل».

تجندت صحف ومواقع مغربية، وطالبت فوزي لقجع بإقالة محمد وهبي، وحين تمسك اللاعبون الشباب بمدربهم، جددت الجامعة ثقتها في وهبي، وقال دعاة الإقالة:

عفوا كنا نقصد وهبي، وزير العدل، وليس مدرب المنتخب.

لكن المقربين من المنتخب يقدرون الجهود التي يبذلها رجال الظل، والمنقبون الذين يحملون مجهرا ويطوفون بين الملاعب لاكتشاف المواهب المهملة وإعادة «تدويرها»، حتى تصبح قطع غيار صالحة للاستعمال الدولي.

عبد الكبير مروان وفريق عمله المكون من إدريس وكنوة وآخرين، يسكنهم هم استقطاب الكفاءات الكروية من دروب الأحياء الهامشية، قبل تلفيفها في مصنع «أكاديمية محمد السادس»، وجعلها منتوجا قابلا للتداول قاريا وعالميا.

لقد نجح مروان ومن معه في انتشال مواهب عديدة من الضياع، غيروا بوصلتها ورتبوا أحلامها وزرعوا في دواخلها بذور الثقة.

لكن لماذا يغيب لاعبو الوداد والرجاء عن منتخب الشباب؟

الجواب بسيط: البحث عن اللاعب الجاهز، فلا وقت لرؤساء قطبي كرة القدم المغربية لانتظار جني الثمار، إنهم يريدون لاعبا كامل الأوصاف.

هناك عامل آخر وراء انخفاض حقينة الوداد والرجاء والفرق المرجعية من المواهب، وهو اختراق الجمعيات لمجال التكوين، وتشجيع رؤساء الجماعات لهذه الجمعيات، حتى تناسلت بشكل رهيب.

ولأن رؤساء هذه الجمعيات يشكلون خزانا انتخابيا للسياسيين، فإن ملاعب القرب تصبح تحت تصرفهم، فيستبيحون تأجيرها واستغلالها وفتحها أو إغلاقها.

وحين تظهر موهبة واعدة يعرضونها للبيع لمن يعطي أكثر.

إلى أن تسترجع الأندية المرجعية دورها كفضاء للتكوين، وتصبح خزانا حقيقيا للمنتخبات الوطنية، تذكروا الفواجع الكبرى التي حصلت باسم تكوين النشء، استحضروا «بيدوفيل» شاطئ دوفيل في الجديدة، الذي يقضي عقوبته الحبسية ويتابع نتائج منتخب الشباب خلف القضبان، وغيره من المؤطرين الذين يقبعون في سجون المملكة، وهم يحنون لصفاراتهم ولرائحة العشب الاصطناعي المنبعث من ملاعب القرب.

هنيئا لهؤلاء الشباب الذين يصنعون فرحة الشعب، ويؤكدون أن المدرب وزير للسعادة بدون حقيبة. هنيئا لهم فوزهم بقلوب المغاربة، قبل الفوز بكأس العالم.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى