حسن فرج: «هذه حقيقة الشهادات الطبية التي تقول إن زوجة عبد الفتاح فقدت عقلها »
حاوره: يونس جنوحي
عندما تتحدث عن وفاة والدتك، يبدو أن ملفها الطبي شكّل نقطة فارقة في القضية. أريدك أن تحكي لنا عن دور هذا الملف في تحريك القضية، خارج المغرب؟
عندما توصلت بالملف بعد إلحاح واتصالات بالمشفى. أول ما قمت به أنني اتصلت بوكيلة الملك السويسرية، وأخبرتها بما وجدته مكتوبا فيه، وطلبت إجراء خبرة في الأمر، وهو ما لم يتحقق للأسف لا في سويسرا ولا في فرنسا ولا في ألمانيا. طلبت مني الوكيلة أن أعد تقريرا مفصلا أذكر فيه كل المعلومات التي أعرفها وما وجدته في التقرير الطبي لوفاة والدتي. لأني في الهاتف حكيت لها وقائع كثيرة، وأرادت أن يكون الأمر دقيقا، حتى يتسنى لها الاطلاع على كل الأمور التي أثرتها. وفعلا أرسلت إليها رسالة على العنوان الذي أملته علي هاتفيا، وردت علي بدعوة للحضور، وهكذا وجدت نفسي مدعوا للمثول أمامها كشاهد في القضية.
- قضية الشكاية التي وضعتها والدتك قبل وفاتها ضد أختك، أم قضية وفاتها بشكل عام..
قضية الشكاية، لأن السيدة الوكيل عندما استمعت إلي في سويسرا، أثارت شكاية والدتي، وهناك أكدت لي أن أمي لم تختطف.
- هل وضعتَ شكاية ضد أختك تقول فيها إنها اختطفت أمك؟
وضعت شكاية أقول فيها إن أمي يمكن أن تكون تعرضت لخطر كبير، بناء على مكالمة توصلت بها من مولاي عبد الله العلمي أتوفر على تسجيل كامل لها، ينصحني فيها باتخاذ الحذر لأن حياتي في خطر مثل والدتي وأختي خديجة. وعندما اطلعت السيدة الوكيلة على الشكاية التي وضعتها لدى الشرطة الألمانية أياما قليلة قبل حادث الحريق الذي توفيت فيه أمي، أرادت أن توضح لي أن أمي لم تكن مختطفة، بل كانت برفقة ابنتها خديجة. أي أن أمر الاختطاف لم يعد واردا.
لكن قول الوكيلة لا يعني براءة خديجة، لأن الوكيلة استدعتها للحضور لأنها موضوع الشكاية التي وضعتها والدتي قبل وفاتها، بسبب تصرفها في أموالها كما ذكرت لك سابقا.
- هناك مسألة أخرى أكثر أهمية.. تتعلق بالحالة النفسية لوالدتك. هل صحيح أنها أصيبت بالزهايمر؟
لا أظن أن الأمر بالشكل الذي صورته به خديجة. غيثة فرج كانت بحالة صحية عادية، مثل أي سيدة في عمرها. الحالة الوحيدة التي تمكن خديجة من التصرف في أموال والدتي، هي الحصول على خبرة طبية تؤكد أنها ليست سليمة نفسيا أو عقليا، ووالدتي، حسب آخر اتصالاتي بها، كانت في تمام الصحة العقلية، رغم أن نفسيتها كانت متضررة بسبب المأساة التي ضربت العائلة، وسوء وضعيتي الاجتماعية أنا وخديجة أيضا.. والدتي كانت تحس في آخر حياتها بأنها وحيدة، ولم يتبق لها أي شيء من حياتها السابقة.
- حتى المال؟
ليس المال وحده ما كان يهمها. أنا أخبرك بانطباعي وأيضا ما قاله لي صديق العائلة الذي اعتادت أن تحكي له ما يحيط بها من مشاكل.
- لنعد إلى مسألة الحالة العقلية لغيثة فرج، التقرير الطبي الكامل يقول إنها تعاني من اختلال نفسي وحالة متقدمة من الزهايمر..
التقرير يذكر هذا الكلام اعتمادا على شهادة تقدمت بها خديجة، لما رافقت والدتي إلى المستشفى. الحالتان اللتان دخلت بسببهما والدتي إلى المشفى كانتا بسبب حريقين، ولم يُجر لها أي كشف نفسي أو تشخيص للزهايمر.
- يعني؟
يعني أن هذا المعطى تم الاعتماد عليه بناء على شهادة في ملفها. وبما أن خديجة رافقتها، فقد تكون صرحت بالأمر للأطباء.
بهذا الخصوص أريد أن أحكي أمرا مهما يتعلق بالحالة العقلية لغيثة فرج.
سأعود بالضبط إلى مرحلة الصراع بيني وأختي خديجة عندما سحبت مني الوكالة وتصالحت مع زوجها. كنت في مكتب المحامي، وكنت غاضبا جدا، خصوصا وأنني اكتشفت أنه لم يحرز أي تقدم يذكر في ملفي.
- أي ملف؟
ملفي ضد أصهاري، وضد خديجة أيضا. كنت غاضبا لأن المحامي لم يحرز أي تقدم ولمته مرارا على هذا الأمر، إلى أن جاء يوم كنت فيه متوترا لأن الأمور تأزمت بشكل غير مسبوق. قلت له أن يجمع الملف لأني أريد أن أعرضه على محام آخر، لكنه هدأني، وطلب مني التريث وأخرج الملف وبدأ يشتغل، وبينما كان يقلب أوراق الملف، لمحت ورقة دخيلة على الملف، ووجدت أنها موقعة من خديجة.
في ما بعد سأكتشف أن هذا المحامي يستخلص لها واجبات كراء فيلا السفارة، عندما سحبت مني الوكالة، وأخطر من هذا أن خديجة ستأتي في ما بعد وترفع ضدي دعوى قضائية لتقول إنني لم أعد أدفع لها قيمة كراء الفيلا، رغم أني سحبت يدي من العملية كلها عندما سحبت مني الوكالة!
- طيب وماذا عن الوثيقة التي وجدتها داخل الملف؟
لمحت أن الوثيقة غريبة عن الملف، ووجدت أنها من خديجة أختي. موضوع الوثيقة هو شهادة طبية تشخص الحالة العقلية لوالدتي. المثير في الأمر أنني لمحت اسم الطبيب، وهو فرنسي يلقب بـ»Gougisbourg»، واستغربت كيف لاسم هذا «الطبيب» أن يتكرر مرتين.
- ماذا تقصد بـ«مرتين»؟
لأني لمحت اسمه في ملف آخر، في «كوميسارية» إفران عندما اتصلوا بي بخصوص مشكل في إقامة إفران. وكان هناك ملف يتضمن معلومات عن والدتي، ولا بد أن خديجة أودعت لهم شهادة عن الحالة العقلية لوالدتي.
قمت بالبحث عن عنوان هذا الطبيب، ووجدت أنه يقيم في مدينة فرنسية، واتصلت برقمه الهاتفي، ليجيبني على الفور. قبل أن أتصل به، وجدت من خلال المعلومات أنه طبيب نفسي، وهو مؤهل حسب الشهادات التي يتوفر عليها، لإجراء خبرة على الناس والحكم إن كانوا سليمين عقليا أو العكس. وفي الوقت نفسه يتوفر على خبرة في مجال التوثيق. وهو ما أثار استغرابي. عندما اتصلت به، قدمت له نفسي، فشعرت بأنه أصبح محتاطا أكثر عند الحديث إلي.
- ماذا دار بينكما؟
سألته سؤالا مباشر، قلت له إنني لمحت اسمه في ملفين مهمين عن عائلتي: الأول لدى المحامي الذي يفترض أنه يدافع عني، والثاني لدى «كوميسارية» مدينة إفران. ماذا يفعل اسمه في ملفين للعائلة؟ ولماذا هو بالضبط مرتين، يشهد فيهما أن والدتي تعاني من اضطراب عقلي ومن الزهايمر؟ فتلعثم وبدأ يستفسر مني ماذا أريد. سألته ما علاقته بعائلة «فرج». فبدأ يتحدث دون أن يجيب عن سؤالي، وقال لي إنه يتوجب علي أن أراسله كتابة وليس في مكالمة هاتفية، ليرد على سؤالي.. ولم أحصل على جواب شاف منه إلى اليوم.
- هل تطعن في أن والدتك لم تكن سليمة عقليا؟
بطبيعة الحال. أنا متأكد أنها لم تكن تعاني من الزهايمر ولا من اختلال عقلي. الأمر الوحيد الذي كانت تعاني منه هو الحزن. كانت حزينة جدا في آخر أيامها. وفي آخر اتصال لي معها عندما كنت أنتظر منها تحويل المبلغ المالي اللازم لأداء بعض الفواتير العالقة باسمها في المغرب، كانت ثابتة وتعرف جيدا الموضوع الذي كنا نتحدث عنه، وتحدثنا عنه في اتصالات متتالية، وأكدت لي أنها أرسلت تأكيدا للوكالة البنكية في الرباط حتى يصرفوا المبلغ، لكني علمت لاحقا أن أختي خديجة تدخلت وأوقفت ذلك الحساب لتستفيد منه لصالحها.
لو كانت والدتي غير سليمة عقليا، لكان الأمر واضحا، ولما لجأت إلى الوكيلة السويسرية لتضع شكاية ضد خديجة وصهرها.
لقد حكيت لك كيف أنها اتصلت في آخر أيامها بأصدقائها عنا في المغرب، وقد كان واضحا أنها تعاني من ضغوط وتنهي المكالمات بسرعة. لو كانت غير سليمة عقليا لشكك أصدقاؤها في الأمر أيضا.
والآن بدا واضحا أن تلك الضغوط كان سببها أختي، ولهذا السبب وضعت شكاية ضدها.
- إذا كانت والدتك سليمة عقليا.. لماذا لم تعد إلى المغرب؟
لقد كانت محتجزة في سويسرا. لم تكن قادرة على الذهاب إلى «أولم» لرؤية قريبتها، فما بالك بالسفر إلى المغرب لرؤية صديقاتها وأصدقائها، وتوديعهم على الأقل. علاقة والدتي بـ«أولم» وطيدة جدا، وبقريبتها أيضا لأنها آخر من تبقى لها من عائلتها الصغيرة. خديجة باعت شقة «أولم» حتى لا تفكر أمي في العودة إلى هناك، لأنها لن تجد شقتها، وقد تحدثت مع المالك القديم وأعطاني مواصفات أختي خديجة وصهرها.
ما أريد قوله هو أن أمي مورست عليها ضغوطات كثيرة في أيامها الأخيرة، ولم تكن مختلة عقليا، وإنما تعيش تحت ضغط نفسي كبير، بدأ بإبعادها عن قريبتها وشقتها، وانتهى بوفاتها الغامضة. كيف يُعقل أن تتعرض لحريقين في يومين؟ وكلاهما في المنطقة نفسها.
هذا الكلام مدون في سجلها الطبي، والأمر الآن معروض على القضاء في سويسرا واستمعت الوكيلة لإفادتي في الموضوع.
- ولماذا لم تتابع أحدا ما دمت تتوفر على الملف الطبي وكل الإثباتات التي تقول إنك تملكها؟
لدي مشكل حقيقي يتمثل في المال. سأعطيك مثالا، هذه الأمور تحتاج إلى أموال طائلة لأنها تتعلق بإجراءات قضائية خارج المغرب. مثلا مسألة الطعن في التنازل الموقع باسمي في مقاطعة بباريس.. لدي كل ما يثبت أنه مزور مائة بالمائة، لكني أحتاج إلى أداء أتعاب المحامي أولا، حتى يحرك القضية في فرنسا، والأمر نفسه ينطبق على سويسرا وألمانيا أيضا. هناك مساطر قضائية معقدة، تحتاج إلى وقت وإلى مال. ثم إن هذا الكلام الذي أقوله حدث قبل شهور قليلة من اليوم، أي أنني أشتغل عليه الآن. وعلى كل حال، فالأمر معروض على الوكيلة في سويسرا، واستدعتني للشهادة في أبريل الماضي فقط.
هناك حجز على ممتلكات عبد الفتاح فرج في المغرب، باشره أعمامي، وبالتالي فإن الأمور المالية عالقة تماما في انتظار حل للملف.