شوف تشوف

الرأي

إعلان ماكرون لترشحه

 

 

رندة تقي الدين

 

ثلاثة أشهر تفصل فرنسا عن دورة الانتخابات الرئاسية الأولى في 10 أبريل، والرئيس إيمانويل ماكرون لم يبحْ بعد بسره، فيما الإعلام الفرنسي يسميه «الرئيس المرشح»، لأن ترشحه لولاية من خمس سنوات أخرى شبه مؤكد.

ويتوقع بحسب جميع استطلاعات الرأي، أن يكون ماكرون في الدورة الثانية من الانتخابات في 24 أبريل، بمواجهة أحد مرشحي اليمين الثلاثة: مرشحة حزب الجمهوريين فاليري بيكريس، أو رئيسة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، مارين لوبن، أو اإيريك زيمور، اليميني المتطرف الذي صنعه الإعلام الفرنسي، وخصوصا قناة «سي نيوز» التي يملكها رجل الأعمال الفرنسي الثري، فانسان بولوري.

فحاليا، وبحسب الاستطلاعات الأخيرة، يحظى ماكرون بتأييد 43 في المائة من نوايا تصويت الشعب الفرنسي، وهو مستوى عال مقارنة بالرؤساء الذين سبقوه في نهاية ولايتهم. نيكولا ساركوزي كان يحظى في يناير 2012، بـ36 في المائة من التأييد الشعبي، في حين أن الاشتراكي فرانسوا هولاند أنهى ولايته، بـ26 في المائة من التأييد الشعبي.

ماكرون الذي يأخذ وقته للإعلان عن ترشحه للولاية الثانية، لن يواجه أي مرشح من اليسار، لأن الأحزاب اليسارية تشتتت وضعفت وتعدد المرشحون الذين أصبحوا تسعة، ويرفض بعضهم إجراء انتخابات تمهيدية توحد مرشح اليسار.

قد يواجه ماكرون مارين لوبن أو فاليري بيكريس، إذا استطاعت أن تستقطب أصوات ناخبي زيمور الذي ساهم في انقسام اليمين المتطرف للمرة الأولى. ومن اللافت أن قطبا مهما من وسط بيكريس هو غيوم بيلوتيي ترك حزب الجمهوريين ومرشحته بيكريس، ليلتحق بزيمور وليكون الناطق الرسمي باسمه. فلدى بيكريس في حزبها تيار يميني متطرف متمثل بالنائب الجمهوري لمنطقة «الألب ماريتيم» إيريك سيوتي، الذي يلعب دورا في حملتها، نظرا إلى أنه حصل على المرتبة الثانية في انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية، التي أدت إلى انتخاب بيكريس مرشحة الحزب للرئاسة.

تجدر الإشارة إلى أن البرنامج الفكاهي للفنان الهزلي كانتلو في «القناة الأولى» للتلفزيون الفرنسي، كثيرا ما يُظهر بيكريس تسمع لتوجيهات سيوتي المتطرفة حول الهجرة والإسلام، الموضوعين اللذين يتصدران حملة اليمين المتطرف. وللمرة الأولى في انتخابات فرنسا سيحصل المرشحان اليمينيان المتطرفان على نسبة 30 في المائة للاثنين.

والإسلام والمسلمون في فرنسا هم العدو الأول لزيمور اليهودي من أصل جزائري، وهو كلما تكلم عن تخوفه من تدهور فرنسا بسبب الأجانب والإسلام يقول: «إذا استمررنا كما نحن، ستصبح فرنسا في 2050 لبنان كبيرا». وأكد زيمور في مقابلة مع ليا سلامة على إذاعة «فرانس أنتر»، أنه إذا انتخب رئيسا سيجبر جميع الفرنسيين من أصل مسلم وأجنبي أن يغيروا اسمهم الأول، وهنأ الصحافية سلامة على تغيير اسمها من هالة إلى ليا، فردت قائلة: «لكن، لدي اسمان».

أما لوبن فتدعي أن المهاجرين أخذوا مكان الشعب الفرنسي، وحملتها قائمة على التخويف وخطورة الأمن السائب في المدن، وتهاجم زيمور وتنصحه بالتوحد مع حزبها، في حين أن زيمور يهاجم بيكريس وماكرون، ويدعي أن لا فرق بين سياسة الاثنين. أما بيكريس فتحاول توجيه الانتقادات إلى ماكرون، من دون أن تكون مقنعة. فقد انتقدت قانون الجواز الصحي، ولكنها في النهاية صوتت له، لأنه يحظى بتأييد شعبي ولو أن هناك آلافا من معارضيه الذين تظاهروا ضده، إضافة إلى ما حصل من أخذ ورد في القانون بين مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية، بسبب تعديلات طلبها الجمهوريون، وهي ليست إلا مناورات سياسية إزاء نواب «إلى الأمام» المؤيدين لماكرون.

ورغم الانتقادات الشديدة التي توجه إلى ماكرون بأنه يبالغ في تصرفه المتكبر وأنه لا يسمع لأحد، ولا حتى لوزرائه، فما زال هو الأوفر حظا بنيل ولاية أخرى، لأنه تمكن من النجاح في إدارة أزمة كورونا، كما أنه تمكن من التصدي لانهيار الاقتصاد، بعد الإغلاق الذي دام نحو 18 شهرا، علما أن ارتفاع غلاء المعيشة يسود في كل أوروبا، ولكن قطاع الأعمال عموما يؤيد ماكرون. وهو الآن يرأس أوروبا لمدة ستة أشهر، ما يعطي لترشيحه بعض الزخم، ولو أن ذلك لن يؤثر بشكل كبير في شعبيته. وتعتبر قضايا السياسة الخارجية ثانوية بالنسبة إلى الشعب الفرنسي، الذي يعطي الأولوية للاقتصاد. فبإمكان خصومه أن يستخدموا القضايا الخارجية في محاولة للتفوق عليه، مثل عدم نجاحه في لبنان وفي ليبيا وفي مالي، وعن غياب أوروبا في المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا حول أوكرانيا. إلا أن هذه الملفات لن تلعب دورا محوريا في اختيار المواطن الفرنسي مرشحه المفضل.

وكان ماكرون أثار انتقادات معارضيه، عندما قال إنه فرض الجواز الصحي لإغاظة emmerder  رافضي التلقيح، ما أدى إلى زوبعة لم تغير شيئا في استطلاعات الرأي، فبقي مستوى التأييد نفسه. متى يقرر «الرئيس المرشح» الكشف عن سر بات شبه معروف، هو السؤال المطروح بالأوساط السياسية والإعلامية في فرنسا؟

نافذة:

ماكرون الذي يأخذ وقته للإعلان عن ترشحه للولاية الثانية لن يواجه أي مرشح من اليسار لأن الأحزاب اليسارية تشتتت وضعفت وتعدد المرشحون الذين أصبحوا تسعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى