شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

برشيد يداوي

 

حسن البصري

 

إذا تأملت كثيرا في ما يحصل داخل نادي يوسفية برشيد، فإنك بلا شك ستحجز لنفسك سريرا في مستشفى الرازي للأمراض العقلية.

حفاظا على سلامتك الذهنية، لا تشغل بالك بالعبث القادم من يوسفية برشيد، المدينة التي أنجبت نصف أعضاء المنتخب الوطني في فترة من الفترات.

ذات صباح، أصدر رئيس الفريق، الذي يمارس في البطولة الاحترافية، بيانا للرأي العام الوطني، يعلن فيه اختطاف النادي من جهات معلومة، قدم تفاصيل اختفاء لاعبين كانوا يرتدون قمصانا باللونين الأخضر والأسود، وتمنى التئام شمل ممثل أولاد حريز في البطولة الوطنية، كان بيان الاختفاء أشبه بفقرة نداء من برنامج «مختفون».

قرأ المختطفون النداء، ورموا في وجه صاحبه مطلع قصيدة مصطفى الجزار: «كفكف دموعك وانسحب فعيون اليوسفية أصبحت مستعمرة».

من يقرأ نداء الاختفاء ستتراقص أمام عينيه سيناريوهات الاختطاف وسيتحول اللاعبون إلى رهائن في قبضة رئيس خارج للتو من عقوبة لجنة الأخلاقيات، منتشيا بعفو أصدره رؤساء أغلبهم زبائن الفرقة الوطنية والمحاكم الزجرية والشرعية.

حين أصبح الفريق رهينة في أيدي أشخاص يطالبون بفدية عبارة عن كرسي رئاسة دائم، وصبيب منح مالية لا ينضب، تلقى المجلس الجهوي للحسابات تقريرا مفصلا حول انتهاكات تعرض لها الفريق في واضحة النهار، حولته إلى فريق غارق في الديون.

ملف يوسفية برشيد يتداول في لجنة الأخلاقيات وفي مجلس الحسابات وينتظر دوره في محكمة جرائم الأموال، وقد يجر رؤوسا إلى قفص الاتهام خاصة بعد أن تداول الرأي العام الرياضي تقرير مفوض الحسابات، الذي أطلق صفارات الإنذار وكشف عن ميزانية انتهكت مع سبق الإصرار والترصد، وعن مبالغ مالية مهمة سحبت نقدا من الحساب البنكي للنادي وفواتير تعاني من السمنة الزائدة، في فترة وئام حين كانت اليوسفية مثل الشاة المذبوحة ولحمها مشاع.

من يجرؤ اليوم على الاقتراب من فريق محاط بالأسلاك الشائكة؟

من يحن إلى زمن اليوسفية حين كانت تقهر الكبار؟

اليوم استعصى على النادي إقناع مدرب بتدريب فريق مختطف، كلما حل مدرب بالمدينة قيل له إن الرهينة ستعود يوما وسنركب جميعا السفينة، أغلق أذنيك بالإسمنت المسلح وتوكل على الله ووزع وقتك بين التدريب واستنطاق المحققين والمفوضين القضائيين، والنزاع لا يفسد للود قضية.

أطفال مدينة برشيد أصابهم الداء، حين جاءهم الرئيس ليخرجهم من دوامة القلق ويقدم لهم مديرا تقنيا ينتشلهم من عناء الانتظار، اصطف الأبناء والآباء في ملعب الرازي ابتلعوا ريق القلق، لكن حراس الملعب أشهروا في وجه المدير التقني والرئيس علامة قف، وباسم التعليمات صودرت فرحة الأطفال.

الآن يمكن أن نفهم سر الجوار بين ملعب لكرة القدم ومستشفى للأمراض الذهنية، وكيف تقاسم فضاء الكرة وفضاء العلاج اسما واحدا، وكأن برشيد لم تنجب أساطير تخلد أسماءها في الملاعب.

رمت النكبات بفريق اليوسفية في قعر الترتيب، هجره جمهوره ومدعموه حين انقض عليه السياسيون، وجعلوا منه خزان أصوات انتخابية بدل أن يجعلوا منه خزان مواهب، وفي الجموع العامة يزكي المنخرطون الخديعة بالتصفيق ويساقون إلى موائد شاي وحلويات وهم يتأبطون تقارير مالية تكاد أرقامها تسقط من شدة الهشاشة.

للتاريخ، فقد عاش فريق الرجاء البيضاوي سنة 1969 انقلابا انشطر فيه الفريق إلى شطرين، فريق يقوده قدماء المؤسسين حجاج وكادري ويضم شبان النادي، وفريق تحت حماية المعطي بوعبيد ومعاش والسملالي، يضم في صفوفه نجوم الفريق، كان الصراع على أشده بين مجموعة المقاومين وفصيل المحامين. لكن جمعية المحبين أوقفت الشتات وأنهت الاختطاف وخلصت الرهائن وحاكمت مهندسي الانقلاب الكروي.

في برشيد لازال المختطفون يؤمنون بلازمة علي وعلي والحطاب «إلا كنتي صياد هذيك هي لبلاد».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى