حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأي

سرّ استدعاء واشنطن لتفجيرات 11 شتنبر

سامح راشد

لولا تزامن الذكرى هذا العام (المتمم للعقد الثاني منذ وقوع التفجيرات) مع عودة طالبان إلى الحكم بأفغانستان، والخروج المخزي للقوات الأمريكية، لما التفت أحد إلى ذكرى “11 شتنبر”، ولما حظيت بالتغطية الإعلامية الموسعة التي حظيت بها هذا العام، خصوصا أن الذكرى العاشرة لم تنل ما تستحق من الاهتمام الرسمي والإعلامي، على الرغم من تزامنها مع “الربيع العربي” الذي ضرب دولا بالمنطقة.
يمكن اعتبار سبب الاهتمام الذي يبدو مبالغاً فيه بالذكرى العشرين إلى الأجواء الضبابية التي خلّفها الانسحاب الأمريكي غير المدروس من أفغانستان، والذي دفع أوساطاً رسمية وشعبية بالعواصم الكبرى في العالم إلى التحذير من نتائج ذلك الفراغ الذي تركته واشنطن بلا مبالاة ولا استشعار للمسؤولية. وهو ما ظهر بوضوح في تصريحات مسؤولين رفيعي المستوى، مثل المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي أبدت دهشة بالغة ومخاوف كبيرة من انفلات الأوضاع داخل أفغانستان، وفي محيطها الإقليمي، وحمّلت واشنطن المسؤولية كاملة عن هذا الوضع. وجاءت مواقف قادة وزعماء آخرين كُثر على منوال ميركل.
أمام هذا المد العالي لموجة الانتقادات لطريقة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ووتيرته ودلالته، يبدو أن إدارة جو بايدن قرّرت شن حملة دعاية مزدوجة الأهداف. حملة تجمع بين الدفاع عن الخروج السريع غير المنظم واستدرار التعاطف المحلي والخارجي مع واشنطن. وجسّدت تصريحات بايدن، في الأيام الماضية، بوضوح، النزوع إلى تبرير طريقة الانسحاب ووتيرته، فقال إن البقاء كان سيُفضي فقط إلى مزيد من الخسائر والأعباء.
وفي مسار جلب التعاطف، زار بايدن ونائبته كامالا هاريس مواقع تفجيرات شتنبر، فيما أعادت كل وسائل الإعلام الأمريكية بث ونشر صور التفجيرات وفيديوهاتها، وامتلأت المواقع الإلكترونية بتغطيات معلوماتية مفصلة عنها، تضمنت التسلسل الزمني للأحداث بالدقيقة والثانية، ومعلومات كاملة ليس فقط عن المتهمين بتنفيذ العملية، وإنما أيضاً عمن يفترض أنهم المخططون لها.
وامتد الاهتمام الأمريكي إلى المؤسسات البحثية، مثل مجلس الشؤون الخارجية وكارنيجي، عبر نشر تحليلات تتناول الموضوع من زوايا جديدة، منها مثلاً “ماذا لو لم تقع تفجيرات شتنبر؟” و”النجاح الكارثي الذي حققه بن لادن”. وهكذا يبدو المشهد الأمريكي كما لو كان عزفاً جماعياً للحنٍ مكتوبٍ بدقة.
للمرة الأولى منذ عقدين، تستدعي واشنطن تفاصيل التفجيرات، وتجترّ أحزانها بهذا القدر من الإلحاح والمباشرة. ومن الصعب أن تؤتي تلك الحملة أُكلها، وتنحسر موجة الانتقاد الحادّة لإدارة بايدن، ما لم تذكّر الإدارة الأمريكية العالم بالصلة القديمة بين تنظيم القاعدة وحركة طالبان. بل ستجد واشنطن أن عليها أيضاً تقديم ما يثبت أن تلك الصلة لا تزال قائمة. وليس ذلك عسيراً على السياسة الأمريكية، خصوصاً مع وجود بقايا متناثرة لـ”القاعدة” تسهُل لملمتها وتنشيطها مجدّداً. لكن الأرجح أن تختار إدارة بايدن الطريق السهل لشغل العالم وإلهاء الأمريكيين، وتستخرج تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مرة أخرى، ليحل محل “القاعدة” في رواية الارتباط بـ”طالبان”، لينسى العالم فضيحة الخروج المهين، وينشغل بالفزّاعة الجديدة القديمة.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى